لم يكن ترابكم.. أنا لن أنفصلَ عن هنا
قمر عبد الرحمن | فلسطين
لم يكن ترابكم
أنا.. لن أنفصلَ عن هنا..
كبوصلةٍ ضَالّةْ..
أنا هنا والوقتُ لنا..
اللّيلُ كمينُ التّائهين.. وأنا
لا فارقٌ اليومَ يصنعُ الفرقَ
عذابُ اللّيلِ والأنين..
وقبرٌ يقبضُ مشاعرَ الرّاحلين
أنا.. لن أنفصلَ عن هنا..
هُنا أنا والوقتُ لنا
لا فارقٌ اليومَ يصنعُ الفرقَ.. كلُّنا سنَموت
لم نذقْ طعمَ النّومِ يومًا.. صدّقُونا
يحترقُ شبابُنا كحطبِ المَوقِدِ.. صدّقُونا
ينغرسُ خِنجرُ العدوِ بنا قبلَ الموتِ وبعد الموتِ.. صدّقُونا
صدّقُونا..
تتآكلُ أبوابُ الزّنازينِ ويَنتصرُ الصّدأ..
نموتُ واقفين
ولا نُسلّمُ للرّيحِ أيّامَنا
أنا لن أنفصلَ عن هنا..
كبوصلةٍ تائهةْ
صديقُنا المَوجود.. لا يكترثُ لموتِنَا
نموتُ كلُّنا.. نموتُ بَعضُنا.. ما المشكلةْ؟
تَطحنُ الرّيحُ ضُلوعَنا .. ونَبقى هنا
صديقُنا يُرافقُ قاتِلَنا وقافِلَتَنا
يَمشي في جنازةِ الوردِ صَديقُنا
ولا يَرى في الأمرِ مُعضلةْ
أنا لن أنفصلَ عن هنا..
كبوصلةٍ ضائعةْ
أنا لن أخرجَ مِنّي
أبْكِيني وأبكيكِ فلسطينُ
خارطةُ الدّمعِ في تقاسيمِ وَجهي
فلسطينُ أرضي ورَحمُ أمّي
هنا أنا
أنا وَقتي ودَمعي
أنا دَمي.. وأنتِ أمّي
أنا.. لن انفصلَ عن هنا كبوصلةٍ شاردةْ
يسألُ ذَوو القبعةِ الصَّغيرةْ:
ما سرُّ هذا التّشبثِ الأعمى.. فكلُّ الأوطانِ وَطن
أردُّ: ارحلوا أنتُم إذنْ
يَسألُ ذَوو القبعةِ الكبيرةْ:
هل للتّرابِ طعمٌ يَجذبُ صاحِبَهُ
أردُّ: لم يكن ترابَكُم.. لتَشعروا بالجذبِ هنا
الكلُّ للتّرابْ.. الكلُّ للتّرابْ
والتّرابُ جَمرْ.. جمرٌ يشبهُ دمعَ أمّي
ومِقصَلةٌ للموتِ تَزُفُّنَا
أنا.. لن أنفصلَ عن هنا
أنا التّرابُ.. والتّرابُ أنا
وأنا الشّمسُ تشرقُ..
بعد ألفِ ليلٍ تأكلُ من لحمِ العِدا.