الأثر النفسي لمنهج التفكيكية في شعر ما بعد الحداثة (2 – 3)

ثناء حاج صالح | شاعرة وناقدة سورية تقيم  في ألمانيا

تهيئة النص التفكيكي

إن الشاعر الذي يعدُّ نصه للقراءة التفكيكية عند كتابته ،واقع لا محالة تحت تأثير الترويج لـ (موضة ) المنهج النقدي السائد، في مرحلة ما بعد الحداثة.وقد ترك هذا التأثير خلخلة عميقة في بنية النص المكتوب، على صعيد الشكل والمضمون معا، بوصفه شعرا منثورا. فالشاعر عندما يعي على سبيل المثال، أن نصَّه سيكون مفتوحا للتأويل المتعدد أو اللانهائي في النقد التفكيكي، فإنه سيحاول ولا ريب أن يكتبه على هذا الأساس، بالأسلوب الذي يصلح لتوفير الغموض في البنية الفنية المفككة للنص، ويصلح لتوفير التشويش المعنوي ولعكس التشظي العاطفي، عند الشاعر الملعون والمتمسك بلعنته. كل ذلك يأتي كمحاولة منه (من الشاعر) لإثبات جدارته، إثباتا يفرضه توقعه أنه مُتَّهم بالعجز عن كتابة الشعر العمودي أو شعر التفعيلة .
كما أن تأثر الشاعر نفسه بقراءته لنصوص المتأثرين بتلك الموجة (الموضة الأدبية )، يدفعه لدخول مضمار التنافس الغريزي المشروع على استقطاب الجمهور.
لقد تجاوز شعراء النثر كل الشروط الفنية لقصيدة النثر ، والتي نقلها أنسي الحاج عن توصيات سوزان برنار وهي (التوهج والمجانية والتكثيف) . ولذلك سمّى أمل دنقل قصيدة النثر بالقصيدة “المتجاوزة “(5)
واصفا شعراءها بـأنهم (أصحاب التطلعات المريضة) . وقد علل كتابتهم لهذه القصيدة بهذه الطريقة ،بـ(فقدان الثقة) الذي يعانون منه حيال تغيير الواقع المتردي بقوله :
” ولأن فقدان الثقة عند الشاعر في تغيير هذا الواقع قد أدى به إلى أنواع من استجلاب وسائل فنية في ظل حضارة مختلفة ومحاولة فرضها على المجتمع الثقافي العربي، ومن هنا تحول الشعر الحديث إلى شعر مثقفين ، في حين أن وظيفته الأساسية هي ارتباطه بالناس ، وتجاوبهم بالتالي معه…الشعر لا يلقن أسراره العميقة ولا يضع ناره المقدسة إلا في النفوس الواجدة وفي القلوب البريئة من التطلعات المريضة )(5)
ولا بد أن أمل دنقل الذي كان يكتب الشعر التفعيلي، لم يكن يعني بعبارة الشعر الحديث سوى الشعر التفكيكي (ما بعد الحداثي)..

خطورة الفلسفة التفكيكية

لم تظهر الدراسات النقدية التفكيكية العربية إلا متأخرة، وبعد مرور أكثر من ربع قرن على تأسيس مجلة شعر . كما ذكرت الباحثة وردة مداح التي أرّخت لظهور أول دراسة نقدية تفكيكية عربية في العام (1985)، ممثلة بتجربة الناقد السعودي عبد الله الغذامي في كتابه “الخطيئة والتكفير” قراءة نقدية لنموذج إنساني معاصر” من البنيوية إلى التشريحية.
ولكن عبد الله الغذامي نفسه لم يقدم مفهوم التفكيكية في كتابه ، إلا بعد أن حوّر المصطلح، ليجرده من بعده الفلسفي ويقصره على بعده الإجرائي أو التطبيقي، عندما استخدم لفظة (التشريحية ) بدلا من التفكيكية، في ترجمته للفظة التفكيكية (déconstruction).
يقول عبد الله الغذامي :” إستقر رأيي أخيرا على كلمة (التشريحية أو تشريح النص) ؛ والمقصود بهذا الإتجاه هو تفكيك النص من أجل إعادة بنائه، وهذه وسيلة تفتح المجال للإبداع القرائي كي يتفاعل مع النص(6) لكن لفظة التشريحية تكاد تخفي الفلسفة النظرية التقويضية الخطيرة، التي يقوم عليها المنهج التفكيكي في النقد، والتي تبناها الشعر العربي ما بعد الحداثي، دون الشعر الحداثي .
ومن أهم الأسس التي تقوم عليها التفكيكية :الاختلاف، وعدمية التمركز، وتقويض الميتافيزيقيا.(7)

1- الاختلاف
يعتقد دريدا مؤسس منهج التفكيكية ، بأنه من غير الممكن أن يتوصل الناص إلى كتابة نص يجسد المعاني بموضوعية حقيقية. وأن النص أيا كان جنسه الأدبي، يحفل بما لم يرغب الناص بقوله. ذلك لأن اللغة المكتوبة تعجز دائما عن تجسيد المعنى الحقيقي، لأن اللغة كلها استعارية مجازية. وهناك فرق بين الكلام الملفوظ مباشرة بصوت قائله، والذي يسميه دريدا بـ(الحضور) ، والكلام المكتوب كتابة، والذي يسميه (الغياب). فالكلام المكتوب يستمر في توليد المعاني حتى بعد موت كاتبه . ودريدا بهذا الاعتقاد، ينقض ما يفترضه رائد اللسانيات دي سوسير ،في قوله بوجود اتحاد بين الكلمة أو (الدال ) ومعناها أو (المدلول) أو المعنى، سواء أكانت الكلمة منطوقة أو مكتوبة. ومادامت اللغة عاجزة عن تجسيد المعنى الحقيقي في النص، فإن دريدا يقول بوجود احتمالات غير متناهية لتأويل معاني النص ، ولا يستطيع أي من هذه التأويلات اللامتناهية الادعاء بأنه قد ألمّ بحقيقة المعنى، لكن علينا أن نقبل بكل التأويلات التي ستختلف مع اختلاف القارئ. .

2- عدم التمركز
المنهج التفكيكي يساوي بين كل التأويلات من حيث احتمال الصواب . وبالتالي فإنه يدمر حقيقة المعنى في النص تدميرا كليا . وبسبب مبدأ القبول بالتأويلات اللامتناهية جميعا على السواء، دون تفاضل، فلن تبقى ثمة مرجعية في القرار النقدي . ولن يكون ثمة ترجيح يفضي إلى اختيار أحد التأويلات، لنصرته وتعزيزه دون سواه، باعتباره مركزا للحقيقة. وهكذا فلن يكون ثمة فرصة لحقيقة ما في أن تتمركز وحدها وتصبح مرجعا . ولا يؤدي هذا في الفلسفة التفكيكية، إلا إلى غياب وتهميش كل الحقائق.ما يعني أيضا غياب اليقين إلى الأبد، ولن يسود في استقبال لغة الخطاب إلا الشك والتشكيك.

3- تدمير عِلَّة الموجودات (الميتافيزيقيا)
دريدا ينتقد المنطق ويرفض اعتماده طريقة للاستدلال على وجود الحقيقة . لأنه- كما ذكرنا آنفا – لا يثق بقدرة اللغة على استحضار المعنى في النص ، ولو حضر المعنى في النص، لأصبحت بنية النص مغلقة عليه، وملمة به، وهذا عين ما يؤخذ به في المنهج البنيوي . لكن دريدا الثائر على المنهج البنيوي، يرفض انغلاق النص، و يرفض الاعتراف بجدوى تمركز العقل ،ومعاييره في الاستدلال المنطقي البنيوي، للوصول إلى حقيقة واحدة للمعنى في النص.
وتشترط منهجية التفكيك تحييد شخصية الناص عن نصه عند نقد النص ، لأنها تعتبر أن الناص نفسه لا يدرك العناصر اللاشعورية، التي تتسرب إلى النص في غفلة عن وعيه، والتي تصبح موضوعا جوهريا في القراءة التفكيكية، يفضي إلى اكتشاف التناقضات الداخلية في معاني النص، والتي تقوّض هذه المعاني، قبل أن تعيد استخدامها لبناء النص مرة أخرى على أنقاضها، وتترك للقارئ قراءتها وتأويلها حسب ما تبدو له. وليس من صلاحيات الناص الميت أن يرد، أو يصحح للقارئ تأويله الذاتي للنص. ومن هنا فإن دريدا يصف المعنى بالاستفاضة، ويحيله إلى القارئ فقط ،ويحكم عليه بالقلق واللااستقرار، ويتركه في حالة من الإرجاء، يستحيل معها القبض عليه.

الأزمات النفسية

أولا : (التشظي والالتئام ) والضياع والحزن:

يقول الناقد عالي سرحان القرشي في كتابه (أسئلة القصيدة الجديدة)(8): “إن (التشظي والالتئام) ظاهرة تنتظم قصيدة النثر، خصوصا القصيدة التي تتكون عبر الإبداع الذاتي وتنصهر فيها الرؤية المتفردة . وقد صبغ ذلك التشكيل الشعري والبناء الكتابي للنص. فأصبحت تتجاوز الانبعاث من النص إلى أن تكون المشكل له ، فتظهر في شكل الكتابة وفي تكوين الصورة . وفي حركة اللغة إذ أن الشاعر في اللحظة التي يعاقر فيها الكتابة هو يعاني حالة التشظي والخروج من قلق ما يجول في خاطره ويبحث عن الالتئام في تشكيل ما يتمكن من تشكيله مما انصدع به في حالة التوتر، وحالة الخروج عن الصمت السابقة للكتابة”.(8)
ويرى أن الشعر السعودي الحديث يتميز بوجود تناوب في التشكيل بين الذات الشاعرة التي تنشئ النص، والتي تتشكل أيضا داخل النص . فهي الباعثة والمبعوثة فيه. ويشرح ذلك بمعنى أن النص هو النسيج الذي تنغرس فيه الذات ويشكل هيئة تحركها. فالنص مشحون بالذاتية ،كما أن الذات في تشظيها ومحاولة التئامها هي موضوعه الرئيسي . (8)
ولكننا نستطيع تعميم هذا الكلام، لإطلاقه على النص ما بعد الحداثي، في (قصيدة) النثر العربية عموما، وليس فقط على النص السعودي . فسمة الذاتية وتسخير مساحة النص أساسا لانبثاق الذات الشاعرة ظاهرة عامة، رافقت نص (قصيدة ) النثر منذ بداية ظهورها عام 1954 وحتى الآن.
إن عواطف النص التفكيكي بالمطلق سلبية مثبطة : فالتشظي هو الحيرة والتردد والضياع والحزن والتشاؤم . والالتئام ليس مؤكد التحقق ،إلا بقدر ما توفره العملية المجردة للتعبير، من فرصة للتوازن النفسي عبر تخفيف ضغط الاحتقان النفسي، الناجم عن عدم الالتئام مع الواقع. وما هذا التشظي والتشتت والضياع إلا نتائح مباشرة وواضحة لفقدان الثقة بالثوابت القيمية . فالتشكك والتشكيك منطلقان وآليتان تتبعهما التفكيكية في تأويل حقيقة المعنى في النص التفكيكي المكتوب. عبر سعيها لاستحضار المعنى الغائب في النص(فيزيقيا استحضار الغياب) والذي لن تسلَّم له بالحضور، حتى لو حضر فعلا . ولأن الناص يدرك شرط انفتاح النص على التأويلات اللامتناهية عند قراءته، فإنه لا يحاول الاقتراب الشديد من المعاني إلى درجة تجسيدها وبلورتها، خشية القبض عليها قبضا تتعذر معه فرصة انفتاح النص على التأويلات اللامتناهية للمعنى. ولذلك فإن الناص مجبر على الدوران حول المعاني دورانا لا يكشفها، ولا يعلنها، فلا يتبقى له من خيار آخر غير اتباع أسلوب التلميح والإيماء والإغماض والتشويش. وهو ما يوقعه في أزمة قلق لا استقرار بعده .

ثانيا: التشتت فنيا ومعنويا

قوة إرادة الناص في النص البنيوي هي التي تنتج (التمركز) فيه ، ووضوح غاية الناص في نصه هو الذي يسمح بمركزة المعاني وتحديدها وإجلائها للقارئ. ولأن تحديد الهدف مسبقا غير ممكن أو غير قابل للتصديق في النص التفكيكي عند إنشاء النص، فإن ذلك يستدعي بعثرة الكلام وتوجيهه في سياقات متعددة ومتقاطعة (متناقضة) ، كي يتاح كشف التضاد والتناقض فيها عند تفكيكها ،مما يسهِّل تقويض المعاني فيها . ولا شك أن تقويض المعاني، وإثبات تناقض الناص مع نفسه في نصه، هو الهدف الأساسي المقرر مسبقا، في قراءة النص قراءة تفكيكية.
وبديل التمركز أو الثبات المعنوي هو (التشتت) الذي يحوِّل النص كله عند إنشائه إلى تشكيلة ذاتية من الأفكار الجانبية الهامشية المتناقضة والمتعارضة، والتي يريد لها الناص أولا وأخيرا، أن تعبر عن عدم تماسك شخصيته في نصه . فالناص ملتزم بالتشتت، لكونه أهم ضرورة فنية في النص التفكيكي. والتشتت يقتضي تعدد السياقات في النص . ويقتضي كذلك الانبثاق المفاجئ للصورة الفنية الجزئية ذات المعنى التلميحي المبتور، الذي يناسبها أن توصف بـ(القصاصة الفنية ) أكثر من توصيفها بالصورة الفنية. هذه القصاصة الفنية على الرغم من عدم انسجامها وعدم التئامها مع السياق ،تبدو طازجة نضرة مغرية شهية ،إذا وجدت ، وكأنها شرارة الإبداع اللامعة التي تومض فجأة من اللاشعور ودون سابق إنذار أو تمهيد، غير أنها تبدو لذلك مفروضة على النص فرضا، وملصوقة به لصقا ، فيضطر القارئ المندهش بها لفصلها عن النص ، ليحتفظ بها جانبا، فيصبح غير قادر على إلقائها وإهمالها لما فيها من الطرافة، وغير قادر على استساغة النص دونها لكونها هي وحدها الجزء الذي يستحق القراءة من النص كله.وهي التي تبعث الدافع عند القارئ لإكمال قراءة النص ، ويصبح غير قادر على تقبل حضورها المفاجئ ،على الرغم من اندفاعه للبحث عنها في النص . فهي الأجمل في النص وهي الأشد إثارة وإرباكا بحضورها الفوضوي الذي يحيل النص إلى شرارات من المعاني المربكة وقصاصات من الصور الهائمة. ، فيخفت التوهج المرجو لأنه يفتقد إلى تركيز اللمعان وتكثيفه في بؤرة واضحة، بسبب التشويش المعنوي، وغموض العلاقات بين عناصر المعنى وأجزائه في اللغة المجازية التي تتشكل منها تلك القصاصات القلقة ،والتي تثير قلق القارئ لعدم ارتكازها على وجه شبه يربط بين عناصر لغتها المجازية الناقصة.
المشكلة أن شعراء قصيدة النثر لم يلجؤوا لكتابتها إلا لاستسهالهم لها . ولأنهم ظنوا أن التخلص من قيود القافية والوزن والترابط المعنوي، سيكشف عن إبداع اللاشعور التلقائي، الذي سيظهر وحده على الورق وبدون أي جهد واعٍ . لقد أصيب هؤلاء الشعراء جميعا بعدوى كتابة (الشعر المنثور)منذ انبهارهم بكتابات أدونيس وأنسي الحاج وخليل حاوي الأولى. ولكن حتى أنسي الحاج وخليل حاوي لم يحافظا على المستوى نفسه من التألق الإبداعي في نصوصهم النثرية. أما أدونيس فقد كان وقتَها حالة خاصة . إن قوة الصور الفنية العفوية ذات المعنى الأصيل كانت تمثل جوهر الإبداع المميز في النصين التفعيلي والنثري عند أدونيس في تلك البدايات .كانت تمثل بقعة التوهج ومركز التكثيف لأنها متقنة متبلورة قياسا لما كان يُكتَب .ولكن نص أدونيس لم يكن نصا تفكيكيا ، بل كان نصا بنيويا سرياليا ورمزيا .

ثالثا : الاغتراب/ التعالي/ الإحباط / التناقض

لم يكن الاغتراب سمة نفسية ذاتية واضحة عند روّاد شعر الحداثة , فلا أحد يستطيع القول : إن نازك الملائكة وأمل دنقل ومحمود درويش ونزار قباني ومظفر النواب وغيرهم، كانوا يفتقرون إلى الشعور بالانتماء العميق إلى أمتهم وقضاياها, أو أنهم كانوا يعانون نفسيا من أزمة الاغتراب الذاتي التي تمنعهم من التواصل مع الجماهير والتفاعل معها . فإذا كنا نستطيع رصد أزمة اغتراب عندهم فهو اغتراب عن السلطة لا عن الأمة أو الشعب , حتى أولئك الشعراء الذين بشّروا بقصيدة النثر, والذين امتلأت نصوصهم بالتمرد والرفض ، فإنهم كانوا شديدي الانتماء يتسابقون على الاقتراب من الجماهير والتفاعل مع قضاياها ، ويحملون على عواتقهم واجب تحفيزها والنهوض بها، وهو ما أفضي إلى نشوء أدب الالتزام (السياسي), و حتى الأدباء والشعراء الذين لم يسخِّروا أنفسهم لأدب الالتزام كانوا في الواقع يمارسونه , يقول أدونيس – وما هو بالشاعر الملتزم – للتعبير عن انتمائه في قصيدته (قالت الأرض) (9)
أنا فيها الفلاح أزرع قمحا
ورودا وأقلع الأشواكا
سكتي تنطح الصخور وتمشي
في الأحافير نشوة وعراكا
وحقولي سنابل تفرع النجم
كأني زرعت فيها السماكا
قيّم باسم أمتي …لست مقطوعا
ولا غاصبا ولا ملّاكا
أنا للشعب ..أيها الشعب مجدت
فإني في كل شيء أراكا
أما أمل دنقل فيهدي للشهيد مجدي أبو غزالة قصيدته (بكائية ليلية )(10) ويعبر فيها عن القضية المشتركة بينه وبين الشهيد وهي البكاء على الوطن لشدة التفاعل معه :
للمرة الأولى
قرأت في عينيه يومه الذي يموت فيه
رأيته في صحراء النقب مقتولا
منكفئا يغرز في شفتيه
وهي لا ترد قبلة لفيه
نتوه في القاهرة العجوز ننسى الزمىا
نفلت من ضجيج سياراتها ، وأغنيات المتسولين
تظلنا محطة المترو مع المساء.. متعبين .
وكان يبكي وطنا …وكنت أبكي وطنا
نبكي إلى أن تنضب الأشعار
نسألها أين خطوط النار؟
وهل ترى الرصاصة الأولى هناك.. أم هنا ؟
ويمكننا أن نقرأ هذا الانتماء لهموم الشعب، إلى درجة الدفاع عنه، وفدائه، مع التمرد على السلطة والنقمة عليها ، والتقرب من الشعب والتواضع له بذكر (شيوخ البدو ) في نص( الوشم) لمحمد الماغوط (11)، مثلا ، كما في أمثلة لا متناهية من نصوص (الشعر ) الحداثي

الآن في الساعة الثالثة من القرن العشرين
حيث لا شيء
يفصل جثثَ الموتى عن أحذيةِ الماره
سوى الاسفلت
سأتكئ في عرضِ الشارع كشيوخ البدو
ولن أنهض
حتى تجمع كل قضبان السجون وإضبارات المشبوهين
في العالم
وتوضع أمامي
لألوكها كالجمل على قارعة الطريق..
حتى تفرَّ كلُّ هراواتِ الشرطة والمتظاهرين
من قبضات أصحابها
وتعود أغصاناً مزهرة (مرةً أخرى)
في غاباتها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى