طقوس المكان
بادر سيف | الجزائر
هل أخافك المكان، أعني بدافع الرغبة في معرفة الإحساس، هل أخافك
المكان، فضاء فاتن، قبرة تحتمي بحش، في صفاحلي ينام البلبل باكرا
لا يرتعد لا يرتعش جسد الأنثى الهاربة من ظل الخرير، فاغرا فاي كالحائر
نعم..أعيد هل أخافك المكان، صفاحلي قصائد الحب الأول، أنشودة خفيفة
أمام محفل أطفال يلبسون اللون الأحمر الوردي، قبل اليوم أطلت النظر
إلى قمم صفاحلي كان يغطيها ضباب رملي وشيء متشح ببياض الوصايا
إذن هو الثلج يحيا على تراب من ذهب الأمكنة، يغذي العابرين قرب
عنادل الأرصفة، كاتما أنفاسي قرب سجادة التسبيح رفعت رأسي إلى قمر
ملتف بعباءة العبادة، يمارس طقوس الفرار من سديم الظلام إلى الخذلان، واللامبالاة بما أحاط بالزهرة الجورية، مدن هو صفاحلي يعبر
صفحات الماضي متلصصا على فيء الآتي، سائلا السنابل المتناغمة
عن أمسيات من جميز السحر و كهانة الألوان، نعم رسمت صفاحلي
كجذر السوسن، لما كان الشتاء قبالة المنبع المهيأ للجميع، ملتف
بجذع النخلة في رابية قشيبة تلسعه سطور الشعور، وما بين البياض
والثلج لوحة تتشظى وهواء نقي، كم أحببتك أيها السفح المهادن
لأعماق النسف، وكم أحبك وأنت تبارك طقوس المقامات العمرية
وليالي يتوقف عندها الزمن المشرق على فجر التهجد، هناك قرب
قلب يسكنه الحب قلب من فراغ العدم يلعب بنرد الأبجدية، يساوم
أيامه والقصائد، اسمعوا حكايتي عن صفاحلي، الحياة مقدسة،
غزالة الأبدية ترعى الانسام، وأنا الطالع من جبة الضمائر الأصيلة،
أدغدغ عشبةالخلود، راسما حولها دوائر تشبه مدارات الفلك
والضجيج الهجين، اضحك بشدة من القبرات و البلابل والعنادل
وخطاف العرائس، أما السكينة فمزاج ينسكب هادئا
على أخاديد الرياض المجنحة، الهدوء يقطع الأنفاس،
ذلك الذي يتربع على حبيبات المملكة المتوحدة في عرشها، كنت زائرا عابرا لمسافات اليقظة،
أخذت منه أنفاس الطيور المهاجرة، جعبة من ألوانه الفادحة، وبعذوبة لاتنتهي
جرحت صفحة النهار الرابض في ترانيم الماء، أخذت من شبح الليل
نجمة عابرة تغازل طوفان الوادي المجاور لحشائش العمر…
لصفاحلي حزام عشب وأقبية من الكلمات الحرة وأغاني رعوية بسيطة،
لكنها تطيل النظر في شريط العمر وهو يمضي تاركا خلفه غبار العراك
بين حشائش جارحة وسنام الأوتار المنسوجة من لفائف التبغ المهرب،،
كنت استرق السمع إلى نساء صفاحلي وهن يثرثرن، يحلمن جرار الماء
على أكتافهن، كن يتوهجن بدفء الرياح الخفيفة ،
وكن خلاصة النقاء والبقاء على عهد الوصايا، في صفاحليي
تكبر البنات بسرعة ربما يخيفهن طمث
الفضاء، يرددن زغاريد العجائز في مواسم قطف القبل المستترة،
معيدين الروح إلى انجراف شرخ الأشجار الحالمة
في صفاحلي تنام بوابات العشق منفتحة على مصراعيها، ليس هناك
ثورة أو غضب الكل يمارس حياته وفق طقوس نسجها عنكبوت الخيال
صفاحلي قمم تشتعل بالمنح، ذاكرة تحتفل بالعابرين لمتنزه الخفة و الحداد
في صفاحلي فرح زائد، كآبة منعدمة، كذلك الطيور والخرير و الشعور
حبيبتي إني وحيد أجلس قرب منبع الماء اللامبالي أرسم ثغرا مقشرا أحمر
وتفاحة تصعد سلالم الحب درجا درجا وتفتح أزرار الغواية، أرجوك حبيبتي
يا قطتي الهائجة إني أرسم بدمعتي ثلج الروابي وهن يلامسن نجوم التخوم
أرجوك تعالي…ضياء العناء وحب يشكو الكبر، لماذا لايشيخ صفاحلي متسائلا
عن سر انسياب الأماني، كيف لايصاحب الأجيال لايمضي إلى مقابر الشهداء مثلنا
لا يرتجف كلما فكررنا في العدم والعبث، الليل والخوف نصلان يغمران المقام المقدس بآية
من وهج الذكريات، أصوات دافئة تعبر مسامات الأيام المصوبة إلى مبازغ الشمس
لا الليل ولا الخوف، بل رخام مباح وقصب يشبه عكاز انكيدو صاعدا قمة المجد
والأمل المجنح، امتثالا لاقنوم الطاعة كان صفاحلي، وفي كل فصل يعبر الجسد
العاري حتى من أسمال اللطف إلى سلالات الطين وطواحين الورق الهلامية
صفاحلي يرن كجرس المعجزة، هاتفا في المدى، أيها المارون على تربتي النائمة
عودوا إلى منابع اليقين، فليس للشك مربع يتنسم فيه حاضر العشق العابر للرؤى
أيها الجبل المسافر دوما مع رعيل الشهداء والأولياء المجبولين على حفظ متون السر
و القرنفل الممزوج بروائح الشام والهند المهند، كم اشتاق إلى ترانيمك و أنت
تجس عالم اللذة والمتعة، أجري خلفك، أمامك قربك، لكني لا أبلغ سمائك
الودودة، نعم متوافقا مع جمالات المكان وطقوس الرضا أصنع لعبة فارغة
سلمتني مفتاح السدرة والوطن المتربع على شساعة التضحيات، أدرت الزر
زر الوله المترنح من سكرة المساءات اللعوب، إلى موجة شاردة ، سحبت
الخيط إلى مجاهل المغاليق ، انفلت الصوت على أغاني – كمال القالمي- ذلك
النهر السابح في اررومة السيبوس وعلى ضفاف العشق الصوفي الأصيل
…أرض السرائر، كان كمال زمنا يرسم في عمق المجرى أخاديد للنور لأجيال
تستمع و تستمتع بحدائق المصائر،،،تمددت على جرح الماء العابر لقطاف
الخطايا، طحلب جائع يسال غيثا في ليلة من ضوضاء الفلك، قرأت للحب مرجعا
ثقبت قلب الرمان سال الزلال الأحمر، عاشقا لمواسم البوح في زمن الوهج
رجعت إلى صفاحلي حينما هجره الاخلة، كان يحتضر في ساحة مضيئة
والجموع تتقاطر سوادا، شمس طليقة، نسائم عشق تنثر حفيفها المدوخ
تاركة أثرها على وتر الأقدار، كنت حاضرا لما تكلست صدفات النطق و لما
غار التسبيح في لجج البالوعة الأرضية…الآن صرت اعرف اماكنا مشابهة
هناك السردون، لالاماونة وجبل هوارة نعم كلها أقبية تتمزق في صمت الأيام
وضمائر الرضا، كمدن طمست في وحل الذكريات، تركت صفاحلي على أمل الاستيقاظ في كواكب قريبة.