لم يحن موتك بعد…

القس جوزيف إيليا-ألمانيا

لمْ يحِنْ موتُكَ بعدُ

فلماذا لا تنامُ الّليلَ حُرًّا
مِنْ شياطينَ على صدرِكَ تعدو ؟

ولماذا تكسرُ الكأسَ
وتجري خائفًا مثْلَ غزالٍ
طاردتْهُ لبوةٌ في جوعِها تبغي طعامًا ؟
ولماذا صرتَ تأبى نشوةً
كانت تغطّيكَ بثوبٍ مِنْ حريرٍ دافئٍ
كي يتلاشى في ليالي العشقِ برْدُ ؟

ولماذا لا ترى في شِعرِكَ المنحوتِ
مِنْ صخرةِ أهوائِكَ وحيًا
بثَّهُ شيطانُ معناكَ على أرضٍ
أبتْ أسماعُها وحيًا عتيقًا
وتريدُ اليومَ أنْ تصغيْ لأقوالِ نبيٍّ
لمْ ينلْهُ مِنْ سياطِ القومِ جَلْدُ ؟

لمْ يحِنْ موتُكَ بعدُ

فلماذا لستَ تعلو في سلامٍ
نحو أجواءِ سماءٍ
كنتَ ترجوها مكانًا
فيهِ ترتاحُ مِن الفوضى
ومِنْ رائحةِ الموتى
ومِنْ رقصةِ ” زوربا ” فوق تلٍّ مِنْ رمادٍ
ومِن الأرضِ بها
في صحنِ مُرٍّ غابَ شهْدُ ؟

ولماذا لا تنادي البحرَ
كي يعطيْكَ مِنْ أحشائِهِ حوريّةً
تمسحُ عن وجهِكَ رملًا
وعن الصّدرِ جليدًا
وعن الرّوحِ ضبابًا
ولكي تنسى انهياراتٍ لألوانٍ بلوحاتِكَ تبدو ؟

ولماذا لا تصلّي لإلهٍ
هادئٍ حلوِ المُحيّا
ظلَّ يُنميكَ
ويسقيكَ حليبَ الغيمِ
كمْ كنتَ سعيدًا
والنّدى منكَ قريبٌ
والرُّبى باسمةَ الوجهِ تناديكَ لتمشيْ فوقها
والضّوءُ يلقي ثوبَهُ فوق دياجيرِكَ
والأطيارُ تأتيكَ
على نخلِكَ تبني عشَّها
ثمَّ بحُبٍّ لكَ تشدو ؟

ولماذا أنتَ مثْلَ الموجِ لا تهدأُ
مثْلَ النّارِ لا تخبو
وكالقَشِّ تُرى
فوق كفوفِ الرّيحِ محمولًا
إلى ما لستَ تهوى
صامتًا تمضي لجلّادِكَ
كالشّاةِ ذليلًا
وعلى ضحْكاتِ مَنْ جاءَ
مريدًا لكَ عارًا لا تردُّ ؟

لمْ يحِنْ موتُكَ بعدُ

كنْ كما كنتَ عصيًّا
لا تَبُحْ للكاهنِ المملوءِ دودًا وجحيمًا
ما بأعماقِكَ مِنْ إثمٍ
أراكَ القفرَ سهلًا
وسقاكَ الخلَّ خمرًا
وانتعِشْ منتفضًا
قُلْ لّلذي يبغيكَ طبلًا فارغًا لا صوتَ فيهِ :
– لمْ يحِنْ موتي
وإنّي سوف أنساهُ
لكي أولدَ طفلًا مِنْ جديدٍ
فوق أعناقِ العصافيرِ
لهُ يرتاحُ مهْدُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى