ورقٌ خالدٌ في تاريخ عُمان

أبو نبراس البوصافي | مسقط

معَاهدُ في أرْضِي عمانَ روائِعُ

لهنَّ بناءٌ قيْصريٌّ وبارِعُ

 

تَناوشَهُ الإكبارُ ليلاً وهمُّهُ

أيشْرُقُ فجْرٌ بعْدَهنَّ يُضارِعُ

 

وما تجْفلُ الورْقاءُ إلا إليْهُمُ

لهَا في جبينِ المكرماتِ مَصارِِعُ

 

وما دحْرجَ التاريخُ غير زمانِها

طهورٌ وطهْرُ الأوَّلينَ مراتِعُ

 

أبيتُ ليالي الأُنْسِ في خدِّ تُرْبِها

وكلُّ عِيالِ النَّجْمِ فيها طوابعُ

 

أناجي بُنيَّاتِ الفَلا في قصائدي

لعلَّ بها بوْحاً عليهِ تُرافِعُ

 

تُريقُ أناشيداً يعزُّ طِلابُها

وتحكي المآثرَ كُلَّما تتفارعُ

 

يُراقبُها بدرُ السماءِ بغِبْطةٍ

لهُا في سناءِ البرقِ حقًّا شوارِعُ

 

وما دامَ في جسْمي حياةٌ أُحِسُّها

فإنَّ بلادي في حياتي الأضالِعُ

 

وما سرَّني يوْمًا هواءٌ بغيْرِها

ولو كانَ تعدادَ النُّجومِ تُقارِعُ

 

وليسَ يكونُ الشوقُ إلا لِأرْضِها

هيَ الآنَ في عيني النَّقا والبدائِعُ

 

ألمْ ترَ أنَّ الدَّهرَ خلَّد أمَّة

لها بينَ أطرافِ السماءِ مَا مَطالِعُ

 

لهاَ في قصورِ الورْدِ نورٌ يَزينُها

كما ازدانَ في كفِّ الفتاةِ الرَّضائعُ

 

وما غيَّبَ التاريخُ عنِّي كمالَها

ولا غابَ عنْ عيْنِ الأبيِّ المَرابِعُ

 

ولا غابَ عن كلِّ الخليقَةِ نجْمُها

وطعْنةُ رمْحٍ بارَكتْها الشَّرائعُ

 

وما قُدَّ عن جسْمي لِباسُ أديمِها

ولا زالَ في لحْمي ثَراهُ ودائِعُ

 

ولا مرْحبًا بالمْوتِ إلا بتُرْبِها

فتُرْبتُها مِسْكٌ بهِ الكلُّ قانِعُ

 

جلسْتُ على شاطِي مَصيرةَ أرْتَوِي

منَ البْحرِ حِبْرًا ترْتَضيهِ الوقائِعُ

 

جلسْتُ وفي نفْسي شجونٌ يَحفُّني

لماضٍ عريقٍ في عُمانَ يُوادَعُ

 

ولاحَ أمامي نوْرَسٌ وجَناحُهُ

لَيقْطُرُ نورًا فيهِ عيْني تُسارِعُ

 

فقُلْتُ لهُ لطْفًا رُويْدَكَ خبِّرَنْ

صديقَكَ هذا إنَّكَ اليومَ ساطِعُ

 

فباحَ أريجًا في دموعٍ يَزُفُّها

وهلَّ لديْهِ الإرْتِخاءُ المُخادِعُ

 

عمانُ بلادٌ في فراتِ حريرِها

ليوثٌ وأشْبالُ اللُّيوثِ تَوابِعُ

 

خُلاصةُ برِّ الأوْلياءِ لربِّهمْ

ورحمةُ موسى إذْ أتتهُ المَواضِعُ

 

وحِكمَةُ داوودٍ وحُكْمُ ابْنِ مريمٍ

وتاجُ رؤوسٍ في البرِيَّةِ شائعُ

 

وبدرُ سلامٍ في ربوعِ بلادِنا

وسدٌّ منيعٌ إذْ أتتْنا الفجائِعُ

 

جلْندى ابْنُ مسعودٍ يقودُ زِمامَها

إلى حيثُ تخْضرُّ السَّحابُ الهوامَعُ

 

أثيرُ الجلنْدى لا يزالُ أمامَنا

نوافيرَ عدْلٍ تكْتَسيها الصَّنائِعُ

 

و وارثُها شبْلُ العقيدةِ نجْمُها

تفيضُ عليهِ المَكرُماتُ الرَّوائعُ

 

و غسَّانُ مَنْ أمِنَ العبادُ بعدْلِهِ

و أُفْرِقَ منهُ المُفسدونَ الطَّوامَعُ

 

وصارتْ بنزْوى بيْضَةٌ قُدْسيَّةٌ

بها العلْمُ قنْديلٌ وما ثَمَّ جائِعُ

 

ومَنْ كالمُهنَّا في بَسالةِ خالدٍ

وفي عنْفوانِ الأصْفياءِ يُصارعُ

 

وكانَ جَسوراً في مهابةِ ضيْغمٍ

بهِ النَّابُ يحكي ما حكَتْهُ الطَّلائعُ

 

ونبْراسُنا الصَّلْتُ الأبيُّ نموذجٌ

لعزِّ الفتى لِلخيْرِ أُسٌّ وجامِعُ

 

وقدْ طرَدَ الأحْباشَ منْ أرْضِ تُبَّعٍ

بقلْبِ سُقَطرى سادَ فيها الفظائِعُ

 

وكانتْ لنا أرْضًا تُوالي دَيارَنا

ويحكُمُها في قبضة المِصْرِ بارِعُ

 

فدانتْ لهُ الأمْصارُ طُولَ زمانِهِ

وعمَّ عمانَ الخصْبُ فيه تُبايِعُ

 

توالى عليها الأكْرمونَ وحُكمُهمْ

يجودُ بعدْلٍ أيْنَما تتشارَعُ

 

ولاذتْ بناصرَ تسْتظلُّ بفيْئِهِ

منَ الجوْرِ دهْرٌ لا أبا لكَ شائعُ

 

وصارتْ عمانٌ كعبةٌ وتحجُّها

طوابيرُ عدْلٍ والرَّخا والمراتِعُ

 

ألا يا ابْنَ بوصافٍ لقد حان أوْبَتي

لأهلي وإنِّي في نَداكَ مُوادِعٌ

 

سآتي بيومٍ مُكْمِلاً لقصيدتي

فغادرني والشَّوقُ جاثٍ وجامعُ

 

سلامٌ عليْكمْ كلَّ يومٍ وليلةٍ

تُزرْكشُها منِّي الزُّهورُ اللَّوامِعُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى