حكاية صورة ” خالدة “
د. إيهاب بسيسو| فلسطين
عزيزي القارئ/ة العربي/ة بشكل عام
والقارئ/ة الفلسطيني/ة إلى حد كبير …
توقفت بالأمس أمام صورة سيدة في وسط مجموعة من الصبايا المبتسمات، الواقفات بكل شموخ وعزة وكبرياء …
لم تكن الصورة بالنسبة لي مجرد صورة عابرة بقدر ما حملت في ثناياها العديد من الأصوات التي تختصر حكايات وقت وأخبار وصمود وألم …
في بلاد غير فلسطين المحتلة …
قد تبدو الصورة طبيعية لمجموعة من الصبايا يقفن في مناسبة عامة حول سيدة يتخذن منها القدوة والملهمة، قد تكون السيدة معلمة مدرسية أو جامعية سبق وأن قامت بتدريسهن ذات فصل من فصول حياتهن المدرسية أو الجامعية …
فتأتي الصورة في سياق مناسبة عامة كنوع من الامتنان والوفاء للسيدة الملهمة والمعلمة …
في فلسطين المحتلة
الصورة تحمل نفس المعنى غير أن جميع من ظهرن في الصورة هن أسيرات محررات من سجون الاحتلال الاسرائيلي، أسيرات تم اعتقالهن – على الرغم من تفاوت أعمارهن – من بيوتهن ومن بين عائلاتهن بعد منتصف الليل ليقضين فترات الاعتقال في سجون الاحتلال …
أما المناسبة فهي في يوم الإفراج عن القائدة الوطنية خالدة جرار وبعد زيارتها لقبر ابنتها سها التي توفيت قبل شهرين ولم تتكمن حينها خالدة جرار من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة والمشاركة في جنازة سها بسبب قيود الاعتقال …
هنا يكتمل المعنى في الصورة، المعنى الحاضر في الحزن والغياب، المعنى الحاضر في التفاصيل العفوية …
أسيرات محررات من بلادي …
طالبات جامعيات جعلن من مقاعد الدراسة الجامعية فضاء إضافياً لصون الهوية والنضال الوطني وكن العابرات مجد الوقت دون خوف …
وما زلن القادرات على صنع ابتسامة الكبرياء والنصر رغم الوجع الخفي في ملامحهن المتعبة …
وقفن بالأمس حول قائدة محررة من سجون الاحتلال في مشهد يحمل الكثير من المعاني الوطنية القادرة على انتزاع اليأس من جسد الوقت …
الأسيرة المحررة خالدة جرار تتوسط الأسيرات المحررات إيلياء أبو حجلة وميس أبو غوش وسماح جرادات وليان ناصر وليان كايد …
صورة بنكهة فلسطينية تحمل في ثناياها ألماً خفياً وصبراً وصموداً وإرادة لا تعرف الهزيمة …
صورة تختصر وجوهاً كثيرة لمناضلات من بلادي تظهر ملامحهن الخفية بوضوح في ظلال الصورة …
صورة من فلسطين …
صورة للتاريخ …
صورة للذاكرة …