رحيل في شرفة المعنى

عبد العزيز الهمامي | شاعر مغربي
لوحة: ميهارو يوكوتا
أُحَـدِّقُ فِي اللَّا شَيْئِ لاَ طَـيْـفَ يَعْــبُــرُ
وَأَرْكُـضُ خَـلْـفِي وَالمَسَافَــاتُ تَـكْـبُــرُ
///
وَمَـازَالَ دَهْـــرِي بِالدِّمَــاءِ مُضَــرَّجًــا
فَلاَ القَـفْـرُ مُخْضَـرٌّ وَ لاَ اللَّـيْـلُ مُـقْـمِــرُ
///
فَكَمْ نَــزَفَــتْ مِـنْ خَـاطِــرِ الوَقْـتِ أَدْمُـعٌ
وَلَمْ نَـرَ أَحْـلاَمًا عَـلَى البَـالِ تَـخْـطُــرُ
///
كَأَنِّـي أَرَى الأَيَّــامَ مِـنْ ثُــقْـــبِ اِبْــرَةٍ
وَأَسْـأَلُ كَـيْــفَ العَـاشِـقُـونَ تَــبَــخَّــرُوا
///
فَـلاَ الصُّبْـحُ فِي الأَضْلاَعِ يَـفْــتَـحُ جَـفْـنَـهُ
وَلاَ طَـرْفُ زَرْقَاءِ اليَـمَـامَــةِ يُــبْــصــرُ
///
وَقَـلْـبِـي مَـــلاَذُ التَّــائِــبِــيــنَ عَــنِ الأَذَى
فَطُـوبَـى لِقَـلْـبٍ بِـالمَـسَـاكِـيــنِ يَــشْـعُــرُ
///
فَـمَا شَـبَّـتِ الأَحْـقَــادُ يَـوْمًا عَـلَى يَـدِي
وَلاَ عَـاشَ فِـي ذَاتِـي ضَمِـيـرٌ مُقَـصِّـرُ
///
وَتَـأخُـذُنِي فِـي وِحْــشَـةِ اللَّـيْــلِ عُــزْلَـةٌ
تُؤَلِّـفُ جُـرْحًا ظَــلَّ فِـي الـذِّهْـنِ يَـقْـطُــرُ
///
أَرَى مُـعْـجَـمَ الأَخْـطَــاءِ ضَـاقَ بِـحِـمْـلِهِ
وَبَـاتَـتْ عَـلَى الأَوْرَاقِ تَـخْـضَــلُّ أَسْـطُــرُ
///
وَأَحْـلُــمُ بِالغَـــيْـــبِ العَــنِــيـــدِ يَـشُــدُّنِي
وَأَقْــرَأُ فِــي كَــفَّــيَّ مَـا لاَ يُــفَـــسَّــــرُ
///
وَأَسْــرَتْ بِـيَ الأَنْــوَاءُ ذَاتَ غَـمَـــامَــــةٍ
وَأَلْـفَــيْــتَــني فَـوْقَ الـكِـتَــابَــاتِ أًمْــطِــرُ
///
تُطَـوِّفُ بِي صـوْبَ المَـجَـــرَّاتِ أَحْــرُفٌ
وَفِي العَــيْـنِ كَـوْنٌ بِالقَـصَـائِــدِ أَخْـضَــرُ
///
وَأَصْـعَــدُ كَالدَّرْوِيـشِ مِعْــرَاجَ دَهْـشَـتِـي
وَسَـجَّـادَتِي الاِعْـجَـازُ وَ الضَّـوْءُ مِـنْـبَــرُ
///
فَهَــذَا المَــدَى يَـحْــتَــاجُ رِحْــلَــةَ تَــائِــهٍ
عَـلَى شُـرْفَـةِ المَـعْــنَى يُصَلّي وَ يَـسْــهَـــرُ
///
وَيَـبْـنِي شَفِـيـفُ البَـوْحِ بُــرْجَ خَرَافَـتـي
بِـهِ البَـابُ مِــسْـكٌ وَ الـنّـوَافِــذُ عَـنْـبَــرُ
///
أَصُـوغُ بِـلَـوْنِ المَـوْجِ أَجْـمَــلَ مَــرْكَـبٍ
وَأَتْــرُكُـــهُ نَـحْـــوَ الأَحِـــبَّــةِ يُــبْــحِــرُ
///
وَمَـدَّتْ اِلَـيَّ الـرِّيــحُ رِيــشَ جَــنَـاحِـهَـا
فَـرَقِّـطُ ظِـلِّي فِـي السَّـمَـاوَاتِ جَـوْهَــرُ
///
وَزَوَّادَتِي مَـلْأَى بِـعِــطْـــرِ طُــفُــولَــتِـي
وَعُرْسِي خَـيَـالُ المَـاءِ وَالحَـوْضُ كَـوْثَــرُ
///
وَلِـي مِــنْ رُعَـاةِ الـضّـوْءِ نَـايٌ وَ دَوْحَــةٌ
وَضَحْـكَـةُ مَـفْــتُـونٍ اِلَـى اللّهِ يَـــنْــظُــرُ
///
وَأَحْــسَــبُ أَنَّ الأَرْضَ فَـــرَّتْ شَـــرِيـــدَةً
وَلَـمْ يَـبْـقَ فِـي رَمْضَـائِهَـا مَـا يُــبَــشِّـرُ
///
وَلَـمْ يَحْـتَـمِـلْ صَـبْــرِي حَـقِــيـقَـةَ أَمْـرِهَـا
وَلاَ كَـيْـفَ أَمْــسَـى ظِــلُّـهَـا يَـتَــقَــهْــقَــرُ
///
فَمَا سَــمِـعَــتْ أَحْـجَـارُهَـا بَـرْقَ صَـرْخَـتِـي
وَلَـكِـــنَّ مَــا بِـالـطَّـــبْـــعِ لاَ يَـــتَــغَــيَّــرُ
///
رَمَـــادٌ هِـيَ الأَسْــمَــاءُ بَــعْـــدَ رَحِــيــلِـهَـا
وأُفْـقٌ بِـطَـعْــمِ الـوَهْـــمِ وَ الـدّرْبُ مُــقْــفِــرُ
///
وَنَـعْـنَـاعَــةُ الـبَــيْـــتِ الـقَــدِيـــمِ تَــأَوّهَـــتْ
وَبِالـسَّــقْــفِ خُــطَّـافٌ يَــغِــيــبُ وَ يَــظْــهَــرُ
///
وَفِـي سُـــرَّةِ البَـــيْـــدَاءِ رَمْـــلٌ وَ عَــوْسَــجٌ
فَـلاَ النَّــخْـلُ فِـيـهَـا يَـشْــرَئِــبُّ وَ يُــثْــمِـــرُ
///
وَهَـذَا الـغَـــدُ المَـنْــفِــيُّ خَـلْــفَ ضَـبَــابِــهِ
تُـخَــبِّــئُــهُ عَــنَّــا جِـــبَــــالٌ وَ أَنْــــهُــــــرُ
///
وَلَـكِــنَّـــهُ التَّــاريــــخُ أَشْــهَـــــرَ سَـــيْـــفَـــهُ
فَـوَيْـــلٌ لِـمَــنْ هُـــمْ فِـي الـبِـــلاَدِ تَـجَـــبَّــرُوا
///
هُــمُ الحَـامِـلُـونَ اللَّـيْــلَ تَــحْــتَ ثِــيَــابِــهِــمْ
وَمَـا اللّـَيْـلُ اِلِاَّ جُـــثَّــة سَــوفَ تُــقْـــبَــــرُ
///
وَغَــابَـــةُ وَرْدٍ مِــنْ رَمِـــيــــمِ عِــظـاَمِــنَــا
سَـتَــنْـهَـضُ يَــوْمًــا فِـي الصَّـبَــاحِ وَ تُــزْهِـــرُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى