في الحلم متسع لنا
سليمان دغش | فلسطين
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لنا
والحُلْمُ آخرُ خطوةٍ للرّوحِ
في سفرِ النّدى
سأُطلُّ من روحي التي بلغَتْ حدودَ اللهِ
حَدَّ الآهِ
واشتعَلتْ كعُصفورٍ على وَترِ المدى
لأغُطَّ ريشَتيَ الوحيدَةَ في دواةِ البَحرِ
أكتُبُ في السجلاّتِ الجديدةِ سورَتي
أو ما تيسَّرَ منْ دَمي في سيرَتي
وأخطُّ صورَتِيَ الجميلةَ في كتابِ الضوءِ
إنَّ الشَّمسَ أجمل في المساءِ
منَ الظهيرةِ
رُبَّما اعتَرَفَتْ ضفائِرُها الشَّفيفةُُ عندَ كفِّ الماءِ
بالآتي
فنامَتْ في سَريرِ الأُرجوانِ
لكيْ تُجَدِّدَ نارَها
وأُوارَها
وتطلّ عاريةً كعادتِها
تُبَشِّرُنا بميلادِ المرايا
في نهارٍ آخرٍ لا رَيْبَ فيهِ…
فَهَل سَتعترفُ الكواكبُ حولَ قنديلِ الثُريّا
أنَّها لا تملكُ المفتاحَ للرؤيا
وأنَّ الشمسَ تنعَفُ بعضَ زينَتها
قُبيْلَ النومِ حولَ سريرها الليليِّ
في أُفُقٍ يراودُ قُرصَ سُرَّتها
على عَسَلٍ إلهيٍّ ،
كأنَّ الشمسَ تحلُمُ مثلنا
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لَنا
وَلَنا نوافذُ تُتقِنُ التَّلويحَ للذّكرى
وَتحترِفُ التّعاطي مع فراشاتِ النَّهاراتِ الجديدةِ
إذ تحاولُ أنْ تُلَملِمَ شالهَا المَنسيََّ
عنْ كَتِفِ الحديقةِ والحقيقةِ
حينَ تمتحنُ النّوافذُ ظلَّها
في حضرةِ الشَّمسِ التي احتَرَفَتْ مراسيمَ الولادةِ
في التَّداولِ بينَ كشفِ الكائناتِ على الطبيعةِ
في وُضوحِ نهارِها وَنَهارِنا
أو بينَ كَشفِ أَوِ اكْتِشافِ الذّاتِ
في المرآةِ
خلفَ عباءَةِ الليلِ الذي خَلَعَتهُ للدّنيا هنا
لِتَدُلَّهُ وتَدُلَّنا
أنَّ الظّلامَ بشارةُ الرؤيا وأنََّ الليلَ دَفتر ُ سرِّها
وسريرها
ودليلها ودليلنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لَها
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لَنا
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
والحلْمُ أوّلنا وآخرُنا
وخاتمُ يومِنا
غَدُنا… وسيّدُنا
سنكملُ حُلْمَنا بالماءِ حتّى الماءِ
في صحراءِ غربتِنا التي امتدَّتْ إلى ماءَينِ
أقسَمَ رملُها أن يبقيا أبداً
على مَرْمى السّحابةِ في رُموشِ العينِ
بَيْنَ البَيْنِ
إنَّ الحُلْمَ جسر العابرينَ بأَمسِهم غدَهُم
ليكتَملوا ويكتمل َ الصباحُ ببرتُقالتهِ الشّهيّةِ
حولَ يافا
تِلكَ مئذنةٌ هُناكَ تُعلِّمُ العصفورَ
حِرْفَتَهُ الجَميلةَ في العُلوِّ على جَناحِ الرّيحِ
نحوَ الغَيْمِ
هَلْ سَقَطَتْ مِنَ الشُّباكِ غيمتُنا الأخيرةُ
فانكَسَرْنا مثلما انكسَرَتْ لتخفي دمعَها
في حبّةِ الليمونِ
أو لتوحِّدَ الضدّينِ في الندّينِ
ما بينَ الثُريّةِ والثّرى
وتُعلّمَ الأطفالَ أنَّ النّجمَ يولَدُ في حديقتِنا
حقيقتنا
وأنَّ الموجَ سبَّحةٌ لوجهِ البحرِ،
كانَ البحرُ سرَّ خطيئتي الأولى
يقولُ السّندبادُ وَيَعتلي دَمَنا
ليكشفَ للعواصفِ شهوةَ الياقوتِ
في المَلكوتِ
تلكَ خطيئتي الأولى ورُبَّ خطيئةٍ قُدُسيّةٍ
أهدَتكَ خاتمَها وخِتمَتَها
لِتَبْتَدِئَ الحقيقةُ فيكَ قُدّاسَ الدّلالةِ ..
لي سؤالٌ واحدٌ هوَ:
منْ أنا ؟!
في الحلْمِ مُتَّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لنا
في الحلْمِ متّسعٌ لنا
والبحرُ هاجسُ رؤيتي
رئتي التي ضاقَتْ عليَّ
وضاقَ فيَّ البحرُ منْ حيفا إلى يافا القديمةِ
تلكَ خاصرتي
وخصري في مهبِّ الريحِ مُفتتحٌ لتأويلِ الخرافاتِ القديمةِ
والممرُّ إليَّ يعرفُهُ الغزاةُ
ويشتّهونَ الماءَ في بئري المُقدَّسِ
منذُ أن جاءَ المسيحُ على بشارةِ مريم العذراء
واختارَ الصليبَ طريقَهُ حتّى القيامةِ
كمْ صليباً سوفَ أحملهُ ليحملَني إليكِ
وكمْ نبياً سوفَ يسكُنني ويتركني
على عهْدِ الرّباطِ
أنا شهيدُ الأنبياءِ
وشاهِدُ الأسرارِ والإسراءِ
والمعراجُ سلّمني أمانةَ سرِّهِ القُدُسيِّ
مفتاحَ الطريقِ إلى السماءِ
فكمْ ستحتاجُ الفراشةُ منْ قناديلِ الحقيقةِ
كيْ تتمَّ جنازةَ التحليقِ في وهَجِ المدينةِ
وهيَ تنهَضُ كلَّ صُبحٍ من دمِ الشهداءِ
نرجسةًً تصلي الفجرَ في الأقصى
وتفتَحُ كلَّ بوّاباتها للشمسِ
إنَّ قيامةَ الشهداءِ تبدأُ ها هنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لها
في الحُلمِ متّسعٌ لنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لنا
ولنا سجاجيدُ الكلامِ على بساطِ الليلِ ترفلُ بالنجومِ
وسبّحات الضوءِ في المعنى
لنا نخْلُ الدّلالةِ في لظى الصحراءِ
كيْفَ نضلُّ وجهَ الماءِ خلفَ سرابنا العبَثيِّ
ثمّةَ هاجِسٌ في الريحِ يخدشُ هامَ نخلتِنا
ويُشعِلُ نرجساً في الروحِ
يشبهنا على المرآةِ
حينَ نطلُّ من علياءِ غيمتنا البعيدةِ
كيْ نرى قَزَحِيَّةَ الأقواسِ، وعدَ الشمسِ عندَ الماءِ
كانَ الماءُ وجهَتَنا وكنا نحمِلُ الصحراءَ ملءَ شغافِنا
برقاً يُراودُ أفْقنا المفتوحَ منْ ماءٍ إلى ماءٍ يُعذِّبنا
فأيَّ شواطئٍ تختارُ فيَّ الروحُ
إنَّ الروحَ أوسعُ من شواطئها
وأضيقُ من جنازَتِنا
فكيفَ نعلّمُ الأمواجَ سرَّ الريحِ
في وضَحِ النهارِ على إشارةِ نصرِنا
وندلّها
وتدلّنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لها
في الحُلمِ متّسعٌ لنا