الأهداف والغايات في روايات وقصص أديب الأطفال جاسم محمد صالح
ساهرة رشيد | العراق
اديب الاطفال الذي نذر نفسه ووقته وجهده لبناء نشء من الأطفال ليكونوا أدباء المستقبل حيث قام بكتابة إعلان عن اكتشاف مواهب للأطفال من عمر 8 إلى 15 عام وتمكن من تدريب 45 أديبا صغيرا وتكفل بطباعة قصصهم في ملحق لمجلة دراسات الطفولة العربية ,وقد خُصصت صفحة الغلاف لجميع الاطفال على عددين متسلسين .
انه الاديب جاسم محمد صالح الذي كُتبت عنه اكثر من ست وعشرين رسالة ماجستير ودكتوراه في العالم وعشرات الدراسات والكتب والمقالات العلمية والنقدية الرصينة.
انكبّ أديب الاطفال جاسم محمد صالح على كتابة قصص الأطفال الهادفة والمعبرة, فحكاياته فيها الكثير من المعلومات والتي تساعد على غرس القيم والمفاهيم التي تساهم في تربيتهم وتوجيههم وتسهم ايضا في زياد قدرتهم على التخيل والتفكير.
لكل كاتب رؤية وعليه أن يحقق ذلك من خلال اللغة ، وهذا ما عمله الاديب (صالح) فهو يتعامل مع اللغة بحذر والتزام باستخدام المفردة الملائمة لعقلية الطفل ، ولان قاموسه اللغوي غني بالمعاني متناسباً مع مدارك الطفل لذا استطاع أن يوصل أفكاره إلى الطفل وتميز في ذلك .
حيث تُعدّ القصة فرعا مهما من فروع ادب الأطفال ’ فهي تنمي فيهم حب الاستطلاع وفن إلقاء الأسئلة والخيال والقدرة على الربط والاستنتاج , بحيث تزود الطفل بمهارات لغوية من خلال التمثيل والأغاني.
كماوتساهم القصة ايضا في انماء الطفل من الناحية العقلية وكذلك تعمل القصة على إكساب الطفل الكثير من المعلومات وتساعده في غرس القيم والمبادئ الخلقية السليمة التي تساهم في تربيته وتوجيهه .
كما إن النمو العقلي يخضع لمظاهر تطور العمليات العقلية المختلفة والتي تبدأ بالمستوى الحسي الحركي وتنتهي بالذكاء العام الذي يعتمد على نمو الجهاز العصبي ، وتعمل على ازدياد القدرة على التذكر والحفظ والانتباه والتخيل والتفكير وغير ذلك من العمليات العقلية العليا.
حيث تساهم القصة في نمو الوظائف العقلية كالذكاء العام والقدرات العقلية المختلفة ونقصد القدرات العقلية ، مثل اللغة والإدراك والقدرات المكتسبة والتي تعتمد على التعليم والتدريب كالتفكير، التذوق ، والابتكار عند الأطفال.
ولنأخذ قصص اديب الاطفال جاسم محمد صالح أنموذجا, فقصصه تساعد على توسيع الخيال والتخيل لدى الطفل , فهو يخاطب العواطف من خلال الصور الإبداعية وهذا ما يجعل الطفل يعيش حالة من التخيل للأجواء الموجودة في القصة وبعض الأطفال يمتازون على غيرهم بقدرة فائقة على التصور , فنرى الأطفال إذا طلب منهم إن يصوروا قصة استمعوا اليها فسوف تجد خيالاتهم جسدت لهم آفاقاً كثيرا تجاوزت حدود تصور الكاتب أحيانا.
كما ان قصص (صالح) تحتوي ايضا على اتجاهات اجتماعية , فمن خلال هذه النصوص القصصية يحاول ان يساعد الطفل على إثارة نزعات كريمة في نفس الطفل ، ويعمل على بث العواطف النبيلة ، وطبع الخلق الفاضل والتي تدفع الطفل إلى حب الخير , فمفرداته التي ينتقيها لها اهداف اجتماعية ونفسية تبرز القيم الحميدة للطفل فتشعره بالانتماء للاسرة والمدرسة والوطن وهذا هو هدفه الاول من كتابة القصة .
وأديبنا يحاول ان يعوّد الطفل من خلال تلك القصص والروايات على حب العمل والتعامل مع الاخرين , وكيفية التصرف في بعض المواقف, وقد لمسنا ذلك من خلال متابعة قصصه ومسرحياته من خلال عملي الصحفي وجدنا أنها تعليم الطفل بطريقة الايحاء من خلال استخدامه للشخصيات الحيوانية على حسن التصرف والاستشارة والمشاركة والابتعاد عن التوتر والقلق والسخرية.
تلعب الشخصية في قصص اديب الاطفال جاسم محمد صالح دورا مهما بالنسبة للطفل، حيث يتوحد معها ويتمثل كثيراً من قيمها وسلوكها ، ولذلك فهو يراعي بشكل كبير أبعاد هذه الشخصيات عند اختياره القصة لتقديمها للطفل وهناك معايير مرتبطة بالشخصيات التي يختارها فهي شخصيات مألوفة لعالم الطفل بحيث يتعايش معها ، مثل ان تكون من عالم الأسرة ، الحيوانات ، الشمس، الطيور ، الأشجار التي تتفاعل في عالم شبه إنساني في علاقاتها بحيث تتكلم وتلعب وتفرح ، وتحزن ونلاحظ ان عدد شخصياته المشاركة في الحدث قليلة حيث يستطيع الطفل التركيز ولا يتشتت في الاحداث , ونلاحظ ان الشخصيات التي يختارها بعيدة عن المثالية المطلقة ، وهي من الواقع متباينة تقترف الخطأ وتسعى إلى الصواب ، وتتغير في النهاية الى الأفضل ، ولان اسلوبه ايحائي يجعل الطفل يقارن الاحداث ليتعلم منها الكثير ويكون راضيا عن نفسه وعن تصرفه.
والكاتب صالح جعل في قصصه دورا بارزا للمراة فكتب عنها ولها الكثير من القصص والمسرحيات والروايات المستواه من التراث فكتب (حكاية الطاهرة الشريفة وماجرى لها من امور مخيفة ) وكذلك في مسرحيته (سقوط الملك شهريار) حيث لعبت المراة في مسرحيته دورا مهما ومتميزا عبر فيه عن قدره المراة على الخلق والابداع والتفكير, و (ملكة الشمس) وغيرها الكثيرواستخدم الاسرة في قصصه ليبين لنا ان في العائلة الواحدة يوجد الخير والشر كما في رواية ( ملكة الشمس ) حيث ان الخير والاخلاق الحميدة والسلوك القويم هو من ينتصر في النهاية فهو اتاح لللاطفال فرصة للتعرف على الكثير من الاجواء الاسرية التي تعايش معها الاطفال.
تحمّل اديب الاطفال (صالح) مسؤولية الكتابة للأطفال، والمسؤولية حالة من دراسة القيم التربوية وعلم النفس ومعايشة الواقع للوصول الى الاهداف والغايات التي يكتب من اجلها لخلق جيل واع مثقف ، مؤكدا انّ الأطفال في هذا الوقت أخذوا يبتعدون عن هويتهم الوطنية ، وأنّ هناك هجمة شرسة تُوجّه للطفل العراقي من خلال القنوات الفضائية ، التي تخلق للطفل الكثير من الجمال بعيدا عن الوطن.
استطاع الكاتب جاسم محمد صالح أنّ يقدم للأطفال في كتاباته الكثير من الجمال والقيم ويشد الطفل إلى وطنه وتاريخه من خلال فنون القصة والمسرحية والسيناريو والرواية والدراسة ومسرح الدمى.
تتضمن معظم قصصه على الكثير من النصائح والإرشادات التربوية في السلوك والتخاطب والالتزام وفعل الخير, كما وامتازت افكاره المطروحة بالبساطة بعيداً عن التعقيد , بالإضافة إلى إنها تغرس في الأطفال صفات الثقة بالنفس وبالآخرين.
تميزت قصص جاسم محمد صالح بالصدق في التعامل مع الأطفال عن طريق الكتابة لهم ، ولأنه تربوي استطاع إن يُكيّف كل ذلك في كتاباته فهو صاحب رسالة .
أدب الأطفال من الآداب الحيوية لكنه مهمش حقيقة بسبب عقدة الترفع عند اغلب الأدباء وحتى الأقسام الإنسانية مثل أقسام اللغة العربية والممائلة … لقد تعمدت تدريس مادة ادب الأطفال في قسم اللغة العربية – كلية التربية الأساسية لسنوات عديدة وكتبت بحوثا عدة وأشرفت على رسالتين ماجستير فيه …الا أني فوجئت عندما تختار اللجان العلمية للدراسات العليا في الجامعات أني مهمش وغير مذكور ضمن المهتمين بهذا الأدب التربوي الرفيع بل الطامة إعتراف أحد المناقشين لرسالة ماجستير في مسرح الطفل يطلب مني المصادر بل العون في مناقشة الموضوع…
العلاقات الشخصية والصداقات والمناطقيات وحتى العشائريات طغت على أروقة اعلى مؤسسة علمية ثقافية بسبب سيل من حملة الشهادات الذين لم تغير من ادمغتهم المتحجرة ؟!