في سيكولوجيا محدثي النعمة

د. خضر محجز  | فلسطين

ثمة ظاهرة شاملة تميز أثرياء الحروب، وتتجذر في أعماق سلوكهم: إنهم يؤمنون بأن حصولهم على ثروتهم هو أمر عادل. فهم يقارنون أوضاعهم بأوضاع البائسين الذين كانوا يشبهونهم في السابق، فيكتشفون كم هم أذكياء، بخلاف هؤلاء الذين لم يحسنوا استغلال فرصة الحرب.

لكن الأثرياء الجدد هؤلاء ـ رغم ذلك ـ لا يبدون سعداء بما فيه الكفاية، بل يرغبون في أكثر من ذلك: الحصول على الحق في أن يكونوا سعداء.

وإن ما يمنعهم من تحقيق كامل السعادة، أنهم يرون في أعين البائسين نظرة الإنكار.

إنهم يرون أن البائسين يحسدونهم على ما حصلوا عليه من الثروة، في هذا الوقت القياسي.

إنهم يقرأون في أعين البائسين، أن البائسين لا يعترفون بأنهم يستحقون تعاستهم.

من هنا يبدو لنا واضحاً ما يرغب فيه محدثو النعمة هؤلاء. إنهم يرغبون في أن يروا البائسين راضين عن بؤسهم، وراضين عن سعادة محدثي النعمة.

إن أثرياء الحروب ومحدثي النعمة يرغبون ـ في صميم أنفسهم ـ في أن يكونوا متدينين بدين يُحقق لهم الطمأنينة بأنهم نالوا امتيازاتهم برضى البائسين.

إنهم يرغبون في أن يقنعوا البائسين بأن يغفروا لهم ليدخلوا الجنة، ويضمنوا الآخرة، كما ضمنوا الدنيا.

هنا يأتي دور رجال الدين، الذين يوظفهم الأغنياء الجدد، ليقنعوا البؤساء باستحقاقهم بؤسهم.

إن رجال الدين المزيفين هنا يشعرون بأنهم بؤساء، لكنهم يطمعون في أن يستبدلوا قليلا من بؤسهم، بكثير من الدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى