الهبل يقود الثّقافة من دمار إلى خراب

جميل السلحوت | فلسطين المحتلة

الهبل يقود الثّقافة من دمار إلى خراب وللالتفاف على مقدّرات شعبنا، وتجييرها إلى أشخاص معيّنين، فقد انتشرت المنظّمات غير الحكوميّة التي تخدم أجندة مموّليها، وهي في غالبيتها إن لم تكن كلّها تنسق وبناء على طلب المموّلين مع منظّمات مشابهة في الجانب الاسرائيليّ، وتركّز في غالبيّتها على حقوق الانسان، وحقوق الطّفل وحقوق المرأة، والتّثقيف الدّيموقراطيّ، حتّى وصلت إلى الحياة الثّقافيّة. كما أنّها في غالبيّتها لا تخدم الشّعب في شيء، بل تثير البلبلة وتمارس الفساد، وتعيق عمل المؤسّسات الرّسميّة. وإذا كانت المؤسّسات الثّقافيّة غير مطلوب منها انتاج ثقافة، فإنّ وظيفتها هي احتضان النّشاطات الثّقافية ودعمها، وهذا مغيب في بلادنا إلى درجة كبيرة. ولمّا كانت الانتقادات كبيرة على الفساد الوظيفيّ في العديد من المؤسّسات الرّسميّة، فإنّ الوضع كارثيّ في المنظّمات غير الحكوميّة، بما فيها المؤسّسات الثقافية، فهي مجيّرة لأشخاص معيّنين، ولكلّ منهم وظيفته ومهمّاته الملقاة على عاتقه، فعدا عن الثّراء الفاحش الذي وصلوا إليه على ظهر الشّعب والوطن، فإنّه يجري إعداد بعضهم ليكونوا قيادات مستقبليّة ستقرّر يوما مصير هذا الشّعب وهذا الوطن، ويجري تسخير وسائل إعلام لهم بما في ذلك فضائيّات موجودة في كلّ بيت، لتلميعهم من خلال التّصريحات النّاريّة التي يطلقونها، ويبلغ الهبل والاستهبال المجتمعيّ مداه بوقوف أحزاب وتنظيمات وطنيّة خلف هذه المنظّمات غير الحكوميّة. ولا يختلف الوضع في المؤسّسات الثّقافيّة عن غيرها من المؤسّسات الأخرى، بل هو أكثر صعوبة، نظرا لأنّ من يقومون على بعضها لا علاقة لهم بالثّقافة، وبالتّالي فإنّ الضّرر النّاتج منهم يكون مضاعفا، لكنّهم خالدون مخلدون في هذه المؤسّسات حتى يغيّبهم الموت، وبعد موتهم فإنّ البدائل الشّبيهة لهم جاهزة للحلول مكانهم. فبعض مؤسّساتنا الثّقافيّة لا تحمل من الثّقافة إلا اسما مكتوبا على لافتة تزيّن الجدار الخارجيّ لمقرّ تلك المؤسّسة، فلا نشاطات ولا رعاية للثّقافة، بل إنّهم يتخوّفون من أيّ نشاط ثقافيّ، ويرفضونه، ومع ذلك فهم لا يتورّعون من طلب الدّعم الماليّ والمعنويّ لهذه المؤسّسات بذرائع شتّى، ويحصلون عليها من جهات محليّة وأخرى أجنبيّة، ولا يعلم أحد مصير تلك التّبرعات إلا علّام الغيّوب، ونفر من المتسلّطين على تلك المؤسّسات. والزّائر لمقرّات هذه المؤسّسات سيجدها مجهّزة بأحدث الأجهزة والأثاث، ولزيادة الفساد فسادا فإنّنا نجد من يشيد برؤوس الفساد تلك، ويقوم بعمل احتفالات تكريميّة لهم، والفساد لا يعني بالضّرورة الاختلاس، فوضع الانسان غير المناسب في مناصب لا تناسبه أيضا فساد، واستمرار من شاخوا في مناصبهم وما عادوا مؤهّلين صحيّا وعقليّا فيها فساد أيضا…وهكذا. أمّا قضيّة إحالة من هرموا وشاخوا من الرّؤوس الكبيرة، ويحتاجون إلى ترجمان من العربيّة إلى العربيّة على التّقاعد، فهي غير قابلة لمجرّد البحث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى