في النحو العربي.. أزمة منهج

عبد الرزّاق الربيعي | شاعر ومسرحي وكاتب صحافي

منذ حوالي ربع قرن، شغلت قضية انعدام منهج ذهن الأستاذ الدكتور سعيد جاسم الزبيدي أستاذ النحو العربي بجامعة نزوى بسلطنة عُمان، و ألزم نفسه وضع منهج يستطيع من خلاله تدريس النحو العربي لطلابه، وهذه الأزمة يجمع عليها جمهرة من علماء اللغة العربيّة المحدثين، ففي قواعد اللغة، يعاني الذي يتصدّى لتدريس النحو من غياب المنهج الواضح، وهذه الإشكالية ليست، فقط في اللغة، بل تعدّت إلى النقد، ومجالات تطبيقيّة أخرى.
وقد أعرب الزبيدي، صراحة، عن عزمه في وضع هذا المنهج، متطلّبا من شأنه أن يرتقي بالدرس النحوي في المدارس، والجامعات العربية، معلنا عن ذلك صراحة بكتابه( قضايا مطروحة للمناقشة في اللغة والنحو والنقد) الصادر عام ١٩٩٨، لكنّ انشغالات العمل الأكاديمي، ومشاركاته المتعدّدة في المؤتمرات العلمية، وتنقّلاته بين أكثر من عاصمة عربية، جعلته يؤجّل ذلك، لكنّ المشروع ظلّ قائما، كونه وضعه نصب عينيه، وظلّ يختمر في ذهنه.

لقد عاب الزبيدي، سليل مدرسة النحويين العرب المتخصصين في النحو منهم: د. طه حسين، د.شوقي ضيف، د.عبد الحميد حسن، د. مصطفى جواد، د. مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي د.نعمة رحيم العزاوي الذين أخذوا على الدرس النحوي، الجمود، وعدم الإبداع الذي يراه د. مصطفى جواد هو “اتّباع قدماء النحويين في سرد القواعد من غير عرضها على كلام العرب وشعرهم الخالي من الضرورة”.
وأخيرا، شدّ العزم على وضع هذا الكتاب الذي حمل عنوانا صادما( في النحو العربي أزمة منهج)، مشيرا إلى وجود علّة، ينبغي وضع معالجات لها.
وكتاب د.سعيد الزبيدي، الذي بين يدي القارىء، وإن جاء متأخّرا يعدّ محاولة مهمة، وجادّة في مجال البحث والتأصيل لايجاد منهجية للنحو العربي تنطلق من أستاذ في النحو العربي من الممكن أن تجعل الدرس النحوي محبّبا للباحثين، وطلبة العلم، بخاصّة أنّ الحاجة، يوما بعد آخر، تبدو ملحّة لمثل هذا الكتاب مع هبوب رياح العولمة، وتراجع الاهتمام باللغة العربية، وعلومها، ليحلّ أزمة منهجيّة، ويفتح نافذة في أفق النحو العربي لضوء جديد.
——
كلمة الربيعي المنشورة على الغلاف الأخير لكتاب د.سعيد الزبيدي الجديد( في النحو العربي- أزمة منهج) الصادر عن (كنوز المعرفة) الأردنيّة