لا أحب القراءة هكذا بهذه الطريقة
عبد الرزاق الصغير | الجزائر
متكئا على ظهري على الأريكة كأي حيوان متوحش في مربض مكشوف، متابعة الظل كمتقاعد فقير ما بعد الظهيرة في الصيف من جدار لجدار أيام كانت المبردات باهضة الثمن ولا تراود ذهن أو خيال الكادح، لا أحب القصائد المبذولة تفرقع العلكة في كل لفتة ومنعطف كاي مومس ولا بائع صوت رائع لفت وخردل متجول اكالقصاص الفاشل، النادل المخنث في رواية قيل على غلافها بأنها بيعت بالملايين، صاحب المكتبة الذي تضحك عيناه يحتفي فقط بالنساء السمينات، مكعب الباطون في وسط الحديقة الصغيرة الذي يقولون عنه عمل فني راقي، رسائل الحب في القصائد الساقطة القديمة، النصوص التي يقولون عليها في الفايسبوك رائعة ، الطيور السوداء، حبال الغسيل المتدلية، برطمنات معجون السفرجل وعلب الطماطم، الأشجار الضخمة في الأرصفة الضيقة، ستائر النوافذ الحمراء الداكنة، كور الصوف التي تلعب بها القطط المدللة تحت الأرائك وخلف أبواب الأروقة وبيوت الماء، شتيمة الرجل منكوش الشعر ذو العضلات المفتولة التي يكررها دائما وهو يصفع الطاولة بورقة اللعب في المقهى
عيون النساء اللواتي يدعين العفة والحشمة، عتمة الأزقة والأكواخ
وأدعية الفقراء، تحلب شفائف متوحمة على حبة خوخ نصف فاسدة في صندوق بقال في شارع خلفي
لا أدري لما أسرد على مسامعكم كل هذا الهذر
لكني أحب شجر اللوز
والبرقوق الأحمر الورق
وعرف الحصان
آه لم أقل لكم
زمان كنت أحب لمبة نافذة
بنت الجيران
المشتعلة وسط النهار
///
البارحة قبل منتصف الليل كنت سعيدا بالنوء
وخلو الشارع من المتسكعين والقطط
كنت أشعر بلذة غريبة وأنا أسمع صريخ الماء
امضمض ريق القصيدة وألحس عن جلدتها القشعريرة
لم أطفئ الحاسوب
لم أشرب دوائي
لم أقلب الثياب على خيط على المدفأة لتجف
لم أقلب كأس القهوة
لم أكل سندويتش ( الفريت أومليت)
لم أغسل أسناني
لم أستبدل سروالي الداخلي
لم أقرأ القصيدة التي خبئتها لليل الطويل
لم أستعمل دواء النوم ولا رأيت شيئا ينسل من وراء الباب
أو أعرف كيفيات الاستغفال والنصب والاحتيال
أو كيفية خلط هذا المسحوق الأزرق النيلي وكمية الماء وكيفية رش البكتريا على جذوع الأشجار
أو كيفية التخلص من هذا الشعور القهري بالوحدة
من يمسك يدك البيضاء المجعدة
من يقبلك تحت المطر هكذا أمام وخلف الناس
من يغمد أويخمد أو يربد أحلامه بين فخذيك
أقصد القصيدة التي تتفس بعمق وتتعرق
وتأكل وتتسوق وتحب المطر وعطر الخزامة والشمس والأسفار وتحضن المخدة بقوة وععنف وهي نائمة
والمكوث طويلا تحت المرش
البارحة كنت سعيدا بالنوء
وخلو الشارع
وصريخ الماء