عالم بلا أخلاق
عدنان الصباح
أمريكا التي اجتثت عرقا بشريا من على وجه الأرض هم الهنود الحمر تتشدق اليوم بالديمقراطية وتقدم نفسها كحامية لها ويصدقها كلا تنابلتها وكذا تفعل حكومة ملكة بريطانيا سيدة الاستعمار على وجه الأرض ومعها حكومة ألمانيا الهتلرية باتت أيضا تتحدث عن الديمقراطية وحق الدول بالسيادة وتنسى أنها تخضع لاحتلال أمريكا حتى اليوم وفرنسا سيدة المجازر وإلغاء الشعوب تقدم حكومتها نفسها كراعية للحريات.
ولأنني أكتب فقط باسم البسطاء من الناس ولهم فقد صار لزاما علي أن أسال ورثة الاتحاد السوفياتي العظيم عن الدور الذي يقومون به بإصرارهم على قتل وتشريد شعب مجاور كان يوما جزءا من حياتهم وثقافتهم وبلا رحمة ويتقبلون عقوبات أمريكا وأوروبا ويواصلون تزويد مصانع الغرب بالغاز والبترول وهم يعرفون أنها المصانع نفسها التي تعاود تزويد أوكرانيا بالسلاح ليقتل الجنود الروس والجنود الأوكران معا وتتضخم خزائن صانعي السلاح الغربيين.
الصين سيدة الثورة الشعبية تقف موقف المتفرج صامتة وكان لا حول لها ولا قوة وكذا تفعل الهند وإيران التي تخضع لأبشع عقوبات غربية قبل روسيا ولكنها تشيح بوجهها عن كل ما يجري مكتفية بموقف اللا موقف معتقدين إنهم بذلك يخرجون من عباءة القتلة أيا كانت جنسياتهم ليبدو العالم جميعا بلا أخلاق حين يحارب روسيا لأنها تقتل الشعب الأوكراني وتدمر بلاده بينما يصمت هذا العالم جميعه بما في ذلك روسيا والصين والهند عن إلغاء شعب واسم وأرض فلسطين وعن تدمير العراق واستباحة ليبيا وإشعال نار الفتنة في سوريا وما إلى ذلك.
أي عالم هذا الذي يرى مصالحه فقط فتتآمر أمريكا على الجميع لتبيع سلاحها قبلهم ثم تتحالف معهم ضد روسيا ويتفقون مع روسيا ضد نووي إيران ويتواجدون في سوريا جميعهم حماة ومحتلين وجميعهم يطلقون النار على السوريين ويتركون لإسرائيل حق فعل ذلك أيضا دون أن تهتز شرايين دمهم الأزرق.
لا أخلاق في عالم صناعة السلاح والموت ولا ديمقراطية إلا لإرادة الأقوياء وعلى الجميع أن يقتل الجميع إلا الخمسة الكبار فلا أحد يقترب منهم ويكفي الشعب الأوكراني نموذجا وأمريكا تقدم لهم كل السلاح ليقتلوا ويموتوا وتعلن على الملأ إنها لن تحارب روسيا وإنها حتى لن تحاول استفزازها فإلى متى سيقبل البشر كل البشر بما فيهم شعوب دول الغرب القبول بمكانة القطيع لا أكثر لدى حفنة قليلة من سارقي ثروات الأرض وقاتلي الشعوب بلا خجل فمن يشيدون مصانع السلاح ويحتكرون حق المفاعلات النووية ويطورون أسلحة الدمار الشامل والموت هم قلة من الوحوش اللا آدميين ممن لا ينتمون قطعا إلى الجنس البشري وهؤلاء هم أعداء البشر وليس المواطن الروسي ضد الأوكراني ولا السوري ضد السوري ولا الليبي ضد الليبي وهكذا.
عالم بذيء ووقح يسيطر على قطعانه البشرية مجموعة صغيرة من الوحوش والمصيبة كل المصيبة أن القطيع يصفق علنا لقتل ذاته حين يطلق الجنود الفقراء من أي عرق أو دين كانوا رصاص أعدائهم عليهم ليقتلوا بعضهم ويصفق لهم الآتون للموت بعضهم بنفس الطريقة والأداة بينما ينشغل زملاء لهم في مصانع السلاح بتجهيز أدوات موتهم وآخرون ينقلون هذا الموت وغيرهم يدير الموت على شاشات التلفاز والبعض يصنع الخبز للقتلة والبعض يكتب تمجيدا وتبريرا للموت والقتل.
عالم بلا أخلاق على شكل لوحة سيريالية عجيبة غريبة كل ما فيها قائم على الموت والكراهية أيا كانت قصائد العشق النرجسي للذات والارض والبشر فجميعها تصب في خانة تمجيد الأنا السخيفة التي يصوغها كما يحلوا لهم لصوص الأرض الكبار فتارة يصنعون قومية أو يلغون عرق حسبما تقتضي مصالحهم ويظل القطيع البشري جاهزا للعب الدور المراد لأي منهم حسبما مرسوم لهم بإرادة المخرج من حفنة اللصوص ليقتنع اللص إن من يرغب بالموت يستحقه ومن يرغب بالحياة يستحقها وبالتأكيد فهم برأيهم ونسلهم وحدهم من يرغبون بالحياة ولذا فهم فقط من يستحقونها.
على الجنود المتحاربين في كل بقاع الأرض أن يديروا أسلحتهم للخلف ليقتلوا جلاديهم ثم يحرقون أسلحتهم ليصنعوا لهم فنجان قهوة يرتشفوه بسلام الحياة معا فهم وحدهم من يستحقون الحياة وليس من يصنع لهم موتهم ليحيا هو.