حزمة كوابيس

توفيق الحاج – قطاع غزة المحاصر | فلسطين

(1)

سبعون عاما

أسعى غزالا … ثم حصانا … ثم حمارا ..ثم كلبا …ثم قردا …..!

حملت..

تحملت ..

اطعمت ..

أسقيت.. ربيت .. بنيت.. تقاعدت.. انتهيت..

ذهب الذين أحبهم وبقيت مثل السيف فردا

خمسون عاما … اكتشفت اني لم أكن كما أ شتهيت ……

لم أكن أنا….

ربما كنت صرافا….مربيا.. اجتهادا مهملا… سحابة في غير موعدها

لم أكن أنا…..

ولا أدرى لم أتيت..!

 

(2)

سنوات..

وأنا أعيش مهزوما .. ألفت حجرا اختياريا قبل الحجر…يليق بانسخابي

لم أعد أتحمل الصدمات أكثر

اعتزلت الناس…….

أدركت لم كان الحلاج مكتئبا …!

ولم قال أبو ذر في زمن الجوع ما قال……

في وحدتي..ابتكرت حياة خاصة بي… وخلقت لي عالمي الافتراضي

لي أصدقائي …لي صديقاتي…

عوضا عن الذين خذلوني ..وتساقطوا من حقائبي في الطريق

انتبهت لنفسي… لمشاعري … تجولت في ذاتي …

فتحت بيني وبين نفسي صندوقي الأسود

أخرجت ساحراتي اللائي عشقت

اكتشفت انى رغم عمري المتهاوي

لم أزل طفلا

لم أزل مضحوكا علي ……..!

 

(3)

(مادونا) في عيد ماسون تغني (ليس الكل يذهب للمستقبل )

(مادونا) تشي بقدوم الجائحة…!

عالم موبوء…

كل القذارات تجلت…

وقسمة ضيزى ما بين ملياردير وجائع…..

العام غير ماسوف عليه

أخد حصته من خزني .. وغادر

الأغبياء يحتفلون بعام ينقص من وقتهم

نستيقظ… نمارس طقوسنا البلهاء.. نشرب القهوة…ننتت..نقرأ… نكتب شهاداتنا رسائلنا …نأكل ماتيسر.. نسمع الاخبار..

أول النشرة من ووهان…

لم أسمع بها من قبل

حديت المذيعة الجميلة عن خفافيش و قطط وكيف تؤكل الفئران ..؟

الموت يبدأ رحلته خجولا ..

بالآحاد…..بالعشرات…

تتوالد الاصفار ….

الموت يتعدى الصين

الموت بالألاف…….

الموت في انتشار

الموت فقط هو سيد اللحظة

الموت أصبح مألوفا

الخوف يبدأ في الصعود…

الخوف يفترس الوجوه

رأيت من حولي إما خائفا أو يتصنع اللا خوف

رأيت إيرانيا يلفظ انفاسه على الرصيف .. ولا يساعده أحد

رايت جثتا معقمة في صناديق محكمة…… وقبورا معدة للقادمين..!

رائحة الكلور تغمر االشارع…. وصوت المذيع ينصح بالصابون عشرين ثانية

أضحكتني…. فلسطينية ترينا كيف تعالج الفيروس بالطماطم والبصل!

وطبيب أعشاب ينصح بالينسون .. وااآخر يؤكد أن للسماق مصل الداء

وثالث يقسم انه وجد الدواء..!

ذكرني بـ(كفتة )الكبد الوبائي…..وتعاويذ الدارويش …

بينما القططا لكبيرة ..تستغل الحال …تنهش لحمنا …وتفرح للوباء

أي عالم هذا…؟

أضاع المال في فنون القتل…. ثم يعجز …يتهاوى أمام فيروس لايرى

رحماك يارب……

رحماك يارب….

أنت مولانا …. ولولاك هباء

 

(4)

شاهدت فيديو اماتني اكثر من الموت …

طبيب إيطالي ينزع جهاز التنفس عن مسن…. من أجل طفل ..

كأنه يقول : عذرا سيدي.. آاان لك أن ترحل …

أي نبل هذا……………….؟!

الروح تسأل

 

(5)

قرأت عن طبيب فرنسي

توسل إليه أب أن يرى أولاده قبل الرحيل .. اتصل بالعائلة ولم يرد أحد

يرحل الغريب كما أنا… بلا وداع ..!

رد صديقي على خوفي من نهاية كهذه

لا…. نحن أمه تختلف … لن نهرب من أحبتنا (رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)

هززت رأسي غير مطمئن

ورائحة البصل والثوم تملأ المكان….!

 

(6)

في عز النوم – كما تغني فيروز- وجدت نفسي أاسعل .. أعطس… أشعر بكل الأعراض التي سمعت بها أو قرات عنها

قلت في نفسي : إنه الموت …

ضاق نفسي…

ناديت … صرخت .. لم يجبني احد .. اتصلت على 103 وانتظرت

بعد ثلاث ساعات حضرت عربة الأسعاف ونزل المدججون بالمعاطف البيضاء بالكما مات والقفازات والمعقمات .. حملوني في كيس أسود على عجل …لم يتبعني أحد …اجروا الفحص ….كان ايجابيا …!

أطلقت ضحكة مرة ساخرة يا إلهي كل حياتي سلبية إلا هذه المرة

. ادخلوني غرفة الانعاش.. خائفون.. بهمس الطبيب المتدرب: الحالة خطيرة !

وضع الطبيب الملتحي الذي يبدو كرائد فضاء بحذر جهاز التنفس وابتعدت عني الكمامات

لم ادر كم من الوقت مر…كان صدري يحترق… هل هذا دبيب الموت الذي أسمع عنه؟

اطرافي تحت عجلات قطار … اتنفس بصعوبة … أغيب…لكنني أرى الملتحي ضبابا وأسمع همسا : (هوبلس كيس).. ارفع عنه الجهاز بسرعة … هناك طفل الوزير( …. ) هو أولى .. هذا شبع من عمره… يكفيه

أرى ضبابا آااخر بشعا يقترب … عزرائيل الذي تخيلت … يمسك بالجهاز…

دفعته بكل ماتبقى من رغبة الحياة.. أكاد أختنق .. صرخت..لا أريد أن أموت.. أريد أن أعيش… من حقي أن أعيش ولو لحظة واحدة..!

 

(7)

صحوت على طرق ..

دفع أحدهم الباب .. أيقظني ….

قاتل الله البصل………. تذكرت أنني نمت متخما

همست لنفسي… الحمد الله…. الحمد لله…. لازالت في بقية حياة

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى