ولأني أحببتك سأجعلك هو
ياسمين كنعان
ولأنني أضعتك ذات طفولة؛ وضيعت في دائرة الزمن ملامحك، سأجعلك هو؛ بأن أخلع عليك الصفات والملامح، وأرمم الصورة المتآكلة، سيكون هذا الوجه الأسمر وجهك ووجهه القديم في آن، وخصلة الشعر المتروكة بقصد التحرش بالذاكرة هي الخصلة ذاتها، والنظرة التائهة هي ذات النظرة، والكلمات المكتومة بين الشفتين كلماته التي لم يقلها يوما والتي أخضعتها لكل مذاهب التأويل..!
ستجلس مكانه تماما كمن يحاول استعادة لقطة قديمة، وأدخلك في دائرة الضوء كي أستنطق الصورة قليلا، أتفحص أصابعك الطويلة التي تتصفح الكتاب؛ وهنا تحديدا أعجز عن ترميم ما تساقط من الذاكرة، هنا أعجز عن تذكر العنوان، ولا أتذكر سوى كلمات قليلة مما قرأت، كنت تقول بلغة قديمة لا يجيد فهمها الا الأطفال، “في ليلة سمر بعيدة كان القمر يحرس أحلام القرية الوادعة”، توقفت لحظتها عند القمر حدقت بنا نحن الصغار الذين كنا نتابع بشغف،سألت عن المقصود من عبارة “كانوا يتعللون؟!”، ولأن القرية كانت مكان نشأتي قلت لك بكل طلاقة “يسهرون”..!
لماذا علقت كل هذه التفاصيل الصغيرة في ذهني وضاع مني عنوان الكتاب..ليتني أتذكر كي أسقط عنك صفة الغريب وأمنحك اسمك أو أي لقب آخر..!
ماذ لو كنت أنت هو، وماذا لو لم تكن، ليس الأمر بكل هذا التعقيد، بخيالي سأعيد تركيب الصورة أدخلك في ملامحه وأمنحه صوتك، وتكونه في نهاية المطاف، وقد أقع في حبك أو حبه كما نفعل دائما مع أبطال قصصنا، وقد أحب فيك هو وقد أحب فيه أنت..!
ليتني أتذكر عنوان الكتاب القديم كي أمنحك لقب”هو..!”