عند مفترق الطرق.. الزوجة الرابعة

محمد حسين | كاتب مصري
أحد الأصدقاء كان يرى أن إقدام الرجل على الزواج مرات عديدة بعد زواجه الأول ، هو أمر لا يختلف كثيرا – فى نتائجه وأثاره – عن تناول < وجبة طعام > متكررة، فقدت مذاقها مع الزمن ، والإختلاف فقط يكون فى مقدار الملح والبهارات واسلوب التقديم !.
صديق آخر قرر الزواج مرة ثانية ، حاولت أن اثنيه عن قراره ، رفض بإصرار كل أسبابى ، وقال إنه لايخالف شرع الله ، وإنه يدرك أن التعدد رخصة مشروطة بالعدل، وهو قادر على تحقيق هذا الشرط الصعب ، وختم حديثه ببيت شعر لشاعر لايعرف أسمه ، سوف اذكره فى نهاية المقال .
الحقيقة أن قضية تعدد الزوجات المثارة على نطاق واسع هذه الأيام ، وترتفع فيها الأصوات وتتعدد ألاراء ، مابين تأييد لحق التعدد ومابين رفضه ، والمطالبة بوقف العمل به تماما ، حماية لإستقرار الاسرة ومستقبل الابناء ، هى قضية لاتستحق كل هذا الجدل المحتد ، خاصة أن الأصل فيها يعود إلى العقيدة الدينية، وإلى نص قرآنى صريح اباح التعدد بشرط : < إن خفتم الا تعدلوا فواحدة > ، وهو أمر متروك تقديره على الرجل المقبل – بشجاعة نادرة – على هذا العمل < الإستثانى > الذى يحتاج إلى قدرات مختلفة فائقة .
القوانين لاتصلح فى معالجة مثل هذه القضايا، بل تزيد الواقع تدهورا، لأنها تفتح ابوابا كثيرة للتحايل ، وتدفع إلى البحث عن علاقات <سرية> وعرفية ، موازية للعلاقات الزوجية الرسمية .
ايضا هذه ليست قضية الوقت فى المجتمع المصرى ، الذى لاتمثل < التعددية الزوجية > فيه ثقافة عامة ، بل أن النظرة السائدة تعتبر إنه من قبيل <الجنون>، ان يفكر رجل متزوج فى الزواج مرة أخرى .
لايليق بمجتمع يئن تحت الضعوط الاقتصادية الثقيلة ، وتتفاقم معاناته اليومية فى توفير احتياجاته الإساسية ، ويتاخر فيه سن الزواج للرجل وترتفع نسبة <العنوسة> ، أن تكون هذه هى قضاياه الملحة التى تشغل تفكيره .
إذا كان هناك ضرورة فى تنظيم مسألة التعدد ، للحد من أثارها السلبية ، فإن الحل يمكن أن يكون فى إصدار عقد زواج < موحد > ، يتضمن الشروط اللازمة التى تحمى وتحترم حقوق ورغبات الازواج ، وتعطى للمراة حقوقها كاملة فى المسكن والنفقة وحضانة أطفالها ، دون اللجوء للقضاء ، إذا مااخل الزوج بشروط العقد.
قبل أن أختم هذا المقال الذى طال ، كنت أجلس مع صديق وزوجته ، فسألته عن رأيه فى مسالة التعدد ، كنت أظن أنه سوف يترد فى إجابته ، إلا إنه نظر إلى زوجته بكل فخر وسعادة قائلا : إذا كان الشرع أباح للرجل الزواج < مثنى وثلاثا ورباعا >، فإن الله أنعم على بزوجة بقيمة < أربع > زوجات وأكثر ، فأبتسمت زوجته وكادت أن تدمع عينيها من فرط ألتأثر برأى زوجها فيها ، وأخذت بحماس بالغا تنقل إلى < طبق > طعامه ، قطع < الكباب > الشهى التى كانت تلتهما بشهية كبيرة.
ألتفت صديق مزهوا بقدرته على الخروج من < مأزق > مع < حكومته > القوية ، وممتنا على إن منحته فرصة إعلان رأيه فى هذه القضية < الحرجة > ، وسعيدا بقطع < الكباب > ألإضافية ، التى منحتها زوجته له برضاء وسرور بالغين ، والمفارقة أن هذا الصديق من < أنصار > التعدد ، واعلم إنه يتحين الفرصة للزواج مرة ثانية وثالثة ،إن استطاع إلى ذلك سبيلا !! .
ربما يكون هناك من الرجال مثل هذا الصديق ، الذى يستخدم مبدأ < التقية > فى إخفاء رأيه الحقيقى فى قضية <تعدد الزوجات> ، إلا إن السؤال يبقى : من يقدر ويستطيع ويمتلك الشجاعة من الرجال أن يقوم بهذه < المغامرة > المحفوفة بكل المخاطر !!.

فى الختام .. يقول شاعر مجهول الأسم :
< تزوج بأثنتين ولاتبالى
ولاتخشى أذى أم العيال
وطبق ما أتى بكتاب ربى
وما قد جاء فى السور الطوال >.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى