سبعة طوابق للكاتب الإيطالي دينو بوتزاتي

ترجمة: أسماء موسي عثمان | مصر


بعد قضاء يوم سفر بالقطار وصل جوزيبي كورتي صباح يوم من شهر مارس الي المدينة التي بها المستشفي الشهيرة. كان يعاني شيئًا من الحمى ومع ذلك أراد أن يقطع الطريق ما بين المستشفي ومحطة القطار سيرًا على الأقدام حاملاً حقيبة سفره الصغيرة . علي الرغم من أنه لم يظهر عليه سوى الأعراض الأولية فإنه نصح بالتوجه الى هذه المستشفى الشهيرة المتخصصة في علاج هذا المرض بالذات والتي بها اطباء على كفاءة عالية و أجهزة ومعدات طبية أكثر فاعلية.

عندما رأى المستشفى من بعيد، تذكر انه قد رأى صورة لها من قبل في أحد الإعلانات شعر جوزيبي كورتي بانطباع إيجابي، كانت جدران المبنى الأبيض ذي السبعة طوابق بها نتوءات منتظمة تضفى عليها الشكل العام للفندق. حول المبنى يوجد الاشجار العالية. بعد إجراء فحص طبي سريع، انتظارًا لإجراء أخر اكثر دقة. احتجز جوزيبي كورتي في غرفة مبهجة في الطابق السابع والأخير. كان الأثاث فاتح اللون وأنيقًا كالفراش.

كانت الكراسي مصنوعة من الخشب والوسائد مكسوة بأقمشة متجددة الألوان. بدا المنظر على بعد واحدًا من أجمل احياء المدينة. كان کل شیئ هادئًا وسارًا ومطمئنًا. استلقى جوزيبي كورتي على الفراش، حيث أن المصباح كان يلقى بضوئه على الوسادة، فشرع في قراءة كتاب كان قد جلبه معه.

بعد قليل دخلت الممرضة تسأله عما إذا كان يريد شيئًا ما. لم يرغب جوزيبي في شيئ على الإطلاق ولكنه بدأ يتحدث بلطف مع الفتاه وسألها عن معلومات بشأن المستشفى. هكذا علم الطابع الغريب لذلك المشفى. تم توزيع المرضى طابقًا تلو الآخر وفقًا لمدي الخطورة. كان الطابق السابع، أي الأخير للحالات المرضية الطفيفة. كان الطابق السادس مخصصًا للحالات المرضية الاقل خطرًا ولكنها تحتاج الي رعاية. في الخامس يتم معالجة الحالات المرضية الخطيرة وهكذا دواليك من طابق إلي أخر.

في الثاني يوجد الحالات بالغة الخطورة. وكان بالطابق الأول أولئك الذين يعانون أمراضًا لا يرجى شفاؤها. هذا النظام الفريد، بالإضافة إلى سرعة الخدمة بشكل كبير، منع وجود مريض يعاني مرضًا بسيطًا أن ينزعج من وجوده بجانب أخر يحتضر، وكان النظام يضمن وجود مناخ متجانس في كل طابق. من جانب آخر، يمكن أن تكون العناية متدرجة بشكل مثالي. ومن هذا يتضح أن المرضى ينقسموا إلى سبع فئات تصاعدية.كان كل طابق بمثابة عالم صغير في ذاته له قواعده المميزة وتقاليده الخاصة.
حيث كل قطاع كان مسند إلى طبيب مختلف. ظهرت اختلافات دقيقة في طرق العلاج حتى وإن كانت طفيفة علي الرغم من أن المدير العام وضع نظامًا واحدًا اساسيًا للمنشأة. عندما غادرت الممرضة الغرفة، مضى جوزيب كورتي نحو النافذة وقد بدا له أن الحمى قد انتهت وتطلع الي الخارج، لا لأنه يريد مشاهدة منظر المدينة رغم أنها كانت جديدة بالنسبه له بل على أمل أن يرى عبر النوافذ، مرضى آخرين في الطوابق السفلية. كان هيكل المبني بنتوآته الكبيرة في الجدران ينتج هذا النوع من الملاحظة.

ركز جوزييب كورتي بصفة خاصة على نوافذ الطابق الأول التي كانت بعيدة جدًا، والتي كان يراها بصورة مائلة فقط . لكنه لم يستطع أن يرى شيئًا مثيرًا للاهتمام. كانت معظم النوافذ مغطاة تمامًا بستائر كثيفة رمادية اللون. رأى جوزيبي كورتي شخصًا ما، يقف عند النافذة المجاورة لنافذته.

نظر الاثنان الى بعضهما بإحساس مليئ بالتعاطف إلا أن كليهما لم يكن يعرف كيف يكسر الصمت. في النهاية تشجع جوزيبي كورتي وقال: “هل وصلت توأ”، “أنت ايضاً؟”. قال الآخر ” كلا ” ” أنا هنا منذ شهرين ” لزم الصمت لحظات قليلة وبدا وكأنه لا يعرف كيف يواصل الحوار، أضاف قائلاً:”كنت انظر لأرى شقيقي هناك في الأسفل.” شقيقك؟ ” “أجل”. “دخلنا معًا إلى هنا، في الحقيقة كانت صدفة غريبة ولكن حالته الصحية ساءت وأظنه الآن في الرابع”. ” أي رابع ” ” الطابق الرابع ” ألقى الرجل الكلمتين شارحًا بنبرات امتزج فيها المرح والفزع، مما بعث الرعب في نفس جوزيبي كورتي بصورة غامضة فتساءل بحذر” أليس الطابق الرابع للحالات الخطيرة؟ “قال الآخر محركًا رأسه ببطء “يا إلهى!”.

ولكنهم ليسوا بائسين تمامًا، لكن يوجد على أية حال ما يبعث فيهم شيئًا من السعادة “واصل جوزيبي كورتي استفهامه باستخفاف كالذي يتحدث عن أشياء مأساوية لا تخصه” لكن ماذا بعد”. “إذا كان الطابق الرابع يحوى بالفعل الحالات الخطيرة جدًا، فمن الذين يضعونهم في الطابق الاول؟”، “أوه” في الأول يوجد المحتضرون حيث الأطباء لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا البتة” فقط يوجد القساوسة، وبطبيعة الحال…. قطع جوزيبي كورتي الحوار كما لوكان يبحث عن تفسير ” لكن ليس هناك ثمة أشخاص كثيرون في الأسفل” ، تقريبًا “كل الستائر مسدلة” .

“ليس ثمة عدد كبير منهم الآن ، إنما كان هناك الكثير هذا الصباح ” . أجاب الآخر بابتسامة خفيفة. ” الغرفات ذوات الستائر المسدلة هي تلك التي توفي فيها شخص ما منذ وقت قريب. كما ترى، في الطوابق الأخرى النوافذ كلها مفتوحة على مصراعيها .

تراجع الرجل ببطء مضيفًا: ” اسمح لي سأعود إلى فراشي، يبدو لي أن الطقس أصبح أكثر برودة. “تحياتي… تحياتي”. ابتعد الرجل عن النافذة وأغلقها جيدًا، كان هناك ضوء داخل الغرفة. ظل جوزيبي كورتي وافقًا عند النافذة وعيناه مثبتتان على الستائر السفلية الخاصة بالطابق الأول.تطلع إليها بتركيز محاولاً تخيل الأسرار المروعة لذلك الطابق الرهيب حيث يكون المرضى في عداد الأموات.

شعر بالارتياح لأنه بعيد جدًا عنهم، في هذه الأثناء أسدل الليل ظلاله علي المدينة. أضيئت النوافذ الألف واحدة تلو الأخر فأصبح المشهد من بعيد موحي بمشهد قصر أضيئ من أجل احتفال كبير. فقط في الطابق الأول في الأسفل،ظلت عشرات النوافذ مظلمة وعمياء. بعثت زيارة الطبيب الطمانينة في نفس جوزيب كورتي الى حد كبير.

و لأنه كان متحيزًا لفكرة قبول الأسوا، ولن يندهش إذا أرسل الى الطابق الأسفل. في الواقع، لم يكن هناك أي علامة تشيرإلى تراجع الحمى على الرغم من أن حالته العامة كانت جيدة. كانت كلمات الطبيب مشجعة ولطيفة على الرغم من إصابة جوزيبي. قال الطبيب – الحالة بسيطة جدًا، وفي خلال اسبوعين أو ثلاثة على الأرجح سيتم الشفاء.سأل جوزيبي كورتي بقلق حول هذه المسألة “هل يمكنني إذا، البقاء في الطابق السابع ؟” أجاب الطبيب وهو يضع يده على كتفه بود، ويتحدث بشكل مازح كما لو ان هذه المقولة هي الأكثر سخفاً في العالم
” الي أين كنت تتوقع أن تذهب؟ الى الطابق الرابع مثلاً ؟”
قال جوزيبي كورتي “هذا جيد … هذا جيد “. ” تعرف، المريض دائمًا يتخيل أسوا الأفكار” . في الواقع ظل جوزيبي كورتي في حجرته التي أعطيت له في الاصل. تمكن جوزيب كورتي من معرفة بعض زملائه المرضى بالمستشفى أوقات الظهر النادرة التي يستيقظ فيه. كان يتبع العلاج بشكل منتظم حتي يتحقق الشفاء العاجل، على الرغم من أن حالته بدت وكأنها ظلت كما هي، ولم يطراً عليها أي تغيير.بعد مضى حوالي عشرة أيام، جاء رئيس التمريض إلى جوزيب كورتى في الطابق السابع .

أراد أن يطلب منه معروفًا خاصًا: اليوم التالي يجب أن تدخل الي المستشفي امرأة مع طفليها، حيث كان هناك غرفتان خالیتان ملاصقتان لغرفة جوزيب كورتي تمامًا، لكنهم بحاجة إلي غرفة ثالثة؛ ألن يكون مزعجًا أن ينتقل السيد جوزيب الي غرفة تماثل غرفته في الراحة؟ بطبيعة الحال،لم يظهر جوزيبي أي اعتراض: فتغير الغرفة لا يعني شيئًا بالنسبة له، بل ربما ستكون له ممرضة جديدة وأكثر لطفًا.

قال رئيس التمريض بانحناءه طفيفة “اشكرك شكرًا خالصًا”، “لا عجب أن تصدر هذه الموافقة من شخص راقي مثلك”. سوف نبدأ بنقل أغراضك في غضون ساعة إن لم يكن لديك مانع. اضاف بنبرة منخفضة، كما لو كان تفصيل ليس له قيمة “الغرفة في الطابق الاسفل لسوء الحظ ، لا يوجد غرفة خالية في هذا الطابق.

بالطبع إنه مجرد إجراء مؤقت “أسرع ليضيف، وهو يرى جوزيبي وقد جلس باستقامة فجأة وكأنه يهم للاعتراض، ” مجرد إجراء مؤقت، ستصعد ثانية عندما يتوفر غرفة خالية وهذا الأمر سيتم في غضون يومين أو ثلاثة، وعندها ستتمكن من العودة هنا مرة أخرى “. قال جوزیبی کورتی مبتسمًا كي لا يظهر كما لو كان طفلاً ” لابد وأن أعترف أن هذا الإجراء لا يروقني على الإطلاق”. …. أضاف رئيس التمريض ضاحكًا ضحكًا صريحًا “لكن هذا الانتقال ليس له أي داع طبي، إنني أفهم تمامًا ما تعنيه، وفي هذه الحالة من الممكن أن تقدم معروفًا لهذه المرأة التي لا تريد أن تنفصل عن أطفالها…
“من فضلك لا يخطرن ببالك أن هناك أسبابًا أخرى!” قال جوزیبی کورتی “حسناً” “غير أن ذلك لا يبدو لي مبشرًا لخير” وهكذا نزل جوزيب إلى الطابق السادس، ومع أنه كان مقتنعًا أن هذا الإنتقال لا يتعلق بأي تدهور في حالته الصحية، فقد شعر بحزن شديد جراء الفكرة السيئة وهي أن هناك حاجزًا واضحًا بينه وبين العالم اليومي للناس الأصحاء يعد الطابق السابع نقطة انطلاق، مع مساحة محددة من الاتصال بالمجتمع، من الممكن أن يعد ملحقًا بالعالم الطبيعي. لكن الطابق السادس يعد جزءًا حقيقيًا من المستشفى، عقلية الأطباء، التمريض، المرضى أنفسهم يختلفون اختلافًا بسيطًا.

مع الاعتراف بأن المرضى في هذا الطابق هم مرضى بالفعل لكن مرضهم ليس بخطير. من خلال محاوراته الأولية مع المرضى، والتمريض والأطباء استنتج جوزيبي أن الطابق السابع كان بمثابة مزحة، حيث إنه مخصص للمرضى أصحاب الحالات الطفيفة، أما بدءًا من الطابق السادس فإن الأشياء تأخذ بجدية. على أي حال أدرك جوزيبي أنه بالتأكيد سيواجه بعض المشكلات في العودة مرة أخرى إلى الطابق السابع الذي تحدثنا عنه سلفًا، لكي يعود مرة أخرى إلي هذا الطابق لأبد وأن يحرك النظام المعقد للمكان، حتى لو تعلق الأمر بشأن صغير كهذا، من الواضح أنه إذا لم يتحدث بشأن عودته مرة أخرى، ما من أحد سيفكر في إعادته إلى الطابق الأعلى، طابق الأصحاء تقريبًا لذلك قرر جوزيبي آلا يتنازل عن حقوقه ولا يستسلم لتلك العادة.
كان مهتمًا بأن يترك انطباعًا جيدًا لدى رفاقه المرضى بأنه باق معهم مجرد أيام قليلة، وانه هو الذي وافق علي النزول طابقًا واحدًا من أجل مساعدة سيدة وأنه سيصعد من جديد إلى أعلى عندما تتوفر غرفة خالية. أصغى الآخرون إليه دون اهتمام وهزوا رؤوسهم غير مقتنعين. كانت قناعة جوزيبي كورتي، قد تأكدت، على أي حال من خلال حكم الطبيب الجديد. أكد الطبيب أن بإمكانه بالفعل أن يعود إلى الطابق السابع وأن مرضه تافه جدًا.

ضغط الطبيب على كلماته ليؤكد صدقها، لكنه في الواقع ربما يكون من الأفضل أن يبقى جوزيبي في الطابق السادس کی يتلقى عناية أفضل. قاطع جوزيبي الطبيب بصرامة في هذا الأمر “لا أريد سماع كل هذه القصص ثانية” “أنت تقول أنني أستطيع الذهاب إلى الطابق السابع وهذا هو المكان الذي أرغب فيه”، رد الطبيب “لا أحد ينكر هذا” “أنصحك ليس بصفتى طبيبًا بل كما لو كنت صديقًا حقيقيًا.

كما قلت، أنت مصاب بمرض طفيف جدًا ولن تكون مبالغة إذا قلنا إنك لست مريضًا على الإطلاق، إننى أرى أن ما يجعل حالتك مختلفة عن الحالات المعتدلة هو امتدادها الأوسع، إن قوة المرض في أدنى درجاته لكنه منتشر إلى حد ما؛ فهي عملية تدميرية للخلايا”، كانت أول مرة يسمع فيها جوزيبي هذا التعبير السيئ.

العملية التدميرية للخلايا هي في مراحلها الأولى، ربما لم تبدأ بعد، لكنها تميل، أقول تميل إلى أن تؤثر على جزء كبير من الأعضاء. هذا هو السبب الوحيد، في رأيي، الذي ربما يجعل من الأفضل أن تبقى هنا في هذا الطابق السادس حيث طرق العلاج أكثر فاعلية وأكثر قوة. ذات يوم قيل له إن مدير دار الرعاية بعد استشارة زملائه، قرر إجراء تغيير في تقسيم المرضى. حالة كل مريض – إذا جاز التعبير – ينبغي تقليلها نصف درجة.

من الآن فصاعدًا يجب تقسيم المرضى في كل طابق إلى فئتين وذلك وفقًا لدرجة الخطورة، قام بإجراء هذا التقسيم من قبل الأطباء المتتالون ولكن من أجل منفعتهم الشخصية. ولأسباب لم تستطع الممرضة شرحها له، تم تصنيفه ضمن الحالات الأكثر خطورة في الطابق السادس ولذا يجب نقله إلى الخامس. حالما أفاق جوزيب من دهشته الأولى، لم يتمالك نفسه، وصاح بأنهم خدعوه ويرفض الانتقال إلى الطابق الأسفل ويفضل الرجوع إلى طابقه الأساسي، ولا يصح
إلا الصحيح وأن إدارة المستشفى لا يمكنها أن تتجاهل بهذه الوقاحة تشخيص الأطباء وبينما هو في صياحه، وصل الطبيب كي يشرح له المسائل بصورة أكثر وضوحًا. نصح الأخير كورتي أن يتحلى بالهدوء إلا إذا أراد أن ترتفع درجة حرارته وشرح له أن هناك سوء فهم ، علي الأقل جزئيًا. أضاف الطبيب مرة أحرى بأنه يؤيد أن المكان المناسب لحالة جوزيبي ربما هو الطابق السابع ولكن أضاف قائلاً إن لديه وجهه نظر مختلفة بعض الشيء، وجهة نظر شخصية تمامًا.

بشكل جوهری، حالة جوزيبي المرضية يمكن أن تقول عنها شديدة الانتشار. الطبيب نفسه لم يستطع أن يفهم لماذا تم وضع جوزیبی کورتی ضمن قائمة الحالات الأكثر خطورة في الطابق السادس. في الأغلب السكرتير الذي أجرى اتصالاً هاتفيًا مع جوزيبي في صباح ذلك اليوم تحديدًا كي يستفسر عن وضع جوزيبي الطبي بشكل دقیق، كان قد ارتكب خطًا في البيانات، أو ربما استخفت الإدارة برأيه الشخصى -عن عمد- فهو وإن كان طبيبًا ذكيًا- فإنه يعد متفائلاً فوق ما ينبغي.

في النهاية نصح الطبيب جوزيبي كورتی بالا يقلق، وأن يتقبل الانتقال دون إعتراض لأن ما يجب أخذه في الاعتبار هو المرض وليس الطابق الذي يوضع فيه المريض – فيما يتعلق بالعلاج – أضاف الطبيب قائلاً- فلا داعي للشكوى: فالطبيب بالتأكيد في الطابق الأسفل يتمتع بخبرة أكثر؛ حيث إن جزءًا من نظام المستشفى أن الأطباء الأكثر خبرة يحلون في الطوابق السفلي وذلك وفقًا لوجه نظر الإدارة، تدريجيًا كلما نزلت إلى الأسفل تبدو الغرف مريحة وأنيقة بالمستوى نفسه.

المنظر رائع بالقدر نفسه؛ في الطابق الثالث فقط تحجب الأشجار المحيطة بالمستشفى المنظر الطبيعي الجميل. في المساء، مع ارتفاع درجة حرارته، ظل يستمع لهذه المبررات الدقيقة وشعوره بالإرهاق التدريجي يتصاعد شيئًا فشيئًا.

في النهاية أدرك أنه لا يملك الطاقة ولا الرغبة في مقاومة هذا الإنتقال الظالم أكثر مما فعل. دون اعتراضات أخرى، سمح لهم أن يأخذوه إلى الطابق الأسفل. كان العزاء الوحيد لوجود جوزيبي كورتي في الطابق الخامس معرفته بأن حالته المرضية في رأي الأطباء ، والممرضين، والمرضى الذين في نفس وضعه، هي الأقل خطورة من بين الحالات الأخرى في الطابق كله. خلاصة القول، بإمكانه أن يعتبر نفسه الشخص الأكثر حظًا في ذلك الطابق من المستشفى.

من جانب آخر كانت تؤلمه فكرة أن هناك حاجزين بينه وبين عالم الأسوياء. مع قدوم الربيع صار الجو أكثر اعتدالاً ، ولكن جوزيبي كورتي لم يعد يرغب بالوقوف عند النافذة كما كان يفعل في الأيام الأولى؛ مع أنه من الحماقة أن يشعر بالخوف، أحس بالهلع والرعب بمجرد النظر إلى نوافذ الطابق الأول، التي كان معظمها مغلقًا وقد أصبحت الآن أقرب كثيرًا.

حالته المرضية كانت تبدو مستقرة. بعد مرور ثلاثة أيام في الطابق الخامس ظهرت علي ساقه اليسرى بقعة أكزيما ولم تختف خلال الأيام التالية قال الطبيب- إنها بقعة مستقلة تمامًا عن المرض الرئيسي؛ يمكن أن تحدث لأى شخص سليم في العالم. سنحتاج لإزالتها في أيام قليلة، علاج مكثف بأشعة جاما. سأل جوزیبی کورتی “ألا يمكن الحصول على هذا العلاج هنا؟ “أجاب الطبيب مبتسمًا” بالتأكيد” “لدينا في المستشفى كل شيء”.

سأل جوزیبی کورتی بتوقع غامض ” ماذا”، قال الطبيب: “المشكلة كيف يصاغ الكلام “. “الطابق الرابع هو الذي يحتوي على جهاز الأشعة وأنا لا أنصحك بالصعود والنزول ثلاث مرات يومياً “، ” إذا الأمر محال ! ” من الأفضل أن تكون في حال جيدة حتى لا تهبط إلى الطابق الرابع قبل زوال البقعة ” .

صرخ جوزیبی ساخطاً “كفى” “لقد نزلت بما يكفى” أفضل الموت بدلاً من النزول إلى الطابق الرابع ! . قال الطبيب لكي يهدئه ولا يزعجه “لكن كطبيب مسئول، يجب أن أمنعك من الصعود والنزول ثلاث مرات يومياً”.

لسوء الحظ إن الأكزيما، بدلاً أن تزول، بدأت تنتشرشيئاً فشيئاً. جوزيبي كورتي لم يستطع أن يشعر بالراحة وكان دائم التقلب في سريرة. استمر غضبه ثلاث أيام ولكنه اضطر للنزول بموافقته الشخصية، طلب من الطبيب أن يرتب له الأمور للحصول على علاج الأشعة وانتقاله إلى الطابق الأسفل. لاحظ جوزيبي، ببهجة خاصة أنه بالفعل حالة استثنائية. المرضى الآخرون في الطابق الرابع كانوا مصابين بصورة أخطر وغير قادرين على مغادرة أسرتهم للحظة. أما هو، فيمكنه السير من حجرة نومه إلى الغرفة التي يوجد فيها جهاز الأشعة، وسط تهاني الممرضين أنفسهم ودهشتهم.
من جديد أكد الطبيب الطبيعة الخاصة لوضعة. مريض ينبغي أن يكون في الطابق السابع إلا أنه حالياً موجود في الرابع. عندما تتحسن الأكزيما، من الطبيعي أن يصعد إلى أعلى. هذه المرة لن يكون هناك عذر على الإطلاق. إن وجوده في الطابق السابع مازال أمرًا شرعيًا.
الطبيب الذي أنهى فحصه هتف مبتسمًا “في السابع، في السابع، أنتم المرضى تبالغون دائمًا هكذا! إننى أقول لك يجب أن تسر بحالتك، من خلال ما شاهدته في جدولك الطبى، لقد تبدلت حالتك السيئة. ثمة إختلاف بين ذلك وبين الطابق السابع – اعذرني على نزاهتي القاسية – حالتك من الحالات التي لا تستدعى إلا القليل من القلق، أؤيدك في هذا الرأى، لكنك بصورة مؤكدة مريض” قال جوزيبي وتغير وجهه “حسنًا، حسنًا ” “في أي طابق تضعني” “یا إلهى، ليس من السهل الإجابة على هذا السؤال، لقد عاينتك معاينة موجزة. وكي أتوصل إلى حكم نهائي يلزمني أن أراقبك على مدى أسبوع على الأقل”.

أكد كورتي “حسنًا ” إنما حتماً لديك فكرة عن الأمر”. كي يهدئه ويطمئنه، تظاهر الطبيب بأنه يركز في المسألة للحظة ومن ثم، هز رأسه قائلاً: ” أوه عزيزي! اسمع، كي أدخل السرور إلى قلبك، هاهو، لكن يمكننا في الأساس وضعك في السادس أضاف قائلاً ليقنعه السادس ربما هو الطابق المناسب”.
أعتقد الطبيب أن ذلك ربما يدخل البهجة إلى المريض. بينما انتشر على وجهه الفزع: أدرك المريض أن أطباء الطوابق العليا قد ضللوه؛ هنا طبيب جديد، من الواضح هو أكثر خبرة ونزاهة، أوضح الأمرله بأن يوضع في السادس وليس السابع أو ربما في الخامس في الأسفل! إنها خيبة أمل غير متوقعة أصابت كورتي. في المساء ارتفعت درجة حرارته. إن وجوده في الطابق الرابع هي الفترة الأكثر هدوءًا واستقرارًا بالنسبه له منذ مجيئه إلى المستشفى. كان الطبيب شخصا مبهجًا، لطيفًا حسن الخلق، كثير من الأحيان كان يتحدث ساعات كاملة عن موضوعات مختلفة.

جوزیبی كورتي أتيحت له فرصة للتحدث فتحدث عن حياته الماضية كمحام وكرجل اجتماعي. حاول إقناع الطبيب بأنه لا يزال ينتمى إلى مجتمع الأصحاء ومازال مرتبط بعالم العمل وأنه مهتم بالقضايا العامة كان يحاول، دون نجاح وبشكل ثابت، وانتهى الحوار حول موضوع مرضه. كانت رغبة جوزيبي في تحقيق أي علامة من علامات التحسن هاجسًا. لسوء الحظ نجحت أشعة جاما في منع انتشار الأكزيما إلا انها لم تزلها تمامًا.

كل يوم كان كورتي يتحدث عن هذا الموضوع باستمرار مع الطبيب وكان يبذل مجهودًا في إظهار السخرية أو القوة في تلك النقاشات دون تحقيق جدوى. قال ذات يوم: أيها الطبيب “كيف سادت العملية التدميرية للخلايا، قال الطبيب مستنكرًا” يا لها من كلمات سيئة”، “من أين أتيت بهذا التعبير؟ ليس بالشيء الطيب على الإطلاق، خاصة لمريض مثلك. لا أريد سماع شيء من هذا القبيل ثانية “. أعترض كورتي “حسناً ” ” لكنك حتى الأن لم تجب على سؤالي؟ ”
رد الطبيب باحترام “أوه، سوف أجيبك حالاً”، “إن العملية التدميرية لخلاياك، إذا ما استخدمنا تعبيرك المروع، هي في حالتك محدودة جدًا لكن ربما يلزمني القول أن إزالتها صعبة.”صعبة، تعني مزمنة؟ ” أرجوك لا تنسب إلى أشياء لم أقلها. قلت فقط صعبة. هكذا يكون الأمر في أغلب الحالات. أيضاً أنواع العدوى البسيطة تحتاج إلى علاج قوى وطويل الأمد. “لكن قل لي أيها الطبيب ، متى يمكنني أن أتوقع التحسن؟” “متى ؟ “.

أضاف بعد برهة من التفكير من الصعب الإجابة في مثل هذه الحالات لكن اسمع “أرى أن لديك هوسًا حقيقيًا بفكرة الشفاء لو لم أكن خائفًا من غضبك، أتعرف بما يمكنني أن أنصحك “. “قل، قل أيها الطبيب” “حسناً ، سأوضح الأمر بجلاء تام، إذا كان لدى هذا المرض حتى ولو بصورة طفيفة وقد جئت إلى هذا المشفى وهو في العموم من أفضل المستشفيات، سوف أرتب الأمور من تلقاء نفسي، منذ اليوم الأول، منذ اليوم الأول أتفهم؟ كي أنزل واحدًا من الطوابق الدنيا.
ستضعني بشكل مباشر في…… اقترح کورتي بابتسامة متكلفة “الطابق الأول”. رد الطبيب بسخرية ” أوه يا عزيزي لا!، في الأول لا !” ، “هذا الامر لا ! إنما في الطابق الثالث أو حتى الثاني بالتأكيد. في الطوابق السفلى العلاج أفضل بكثير، الأجهزة والمعدات أكثر اكتمالاً وأكثر فاعلية، الفريق الطبي أكثر خبرة ودراية.. “أنت تعلم من هو المسئول عن هذا المشفى؟” ” اليس هو البروفيسور داتی؟”
“بالفعل هو البروفيسور داتي. هو الذي اخترع العلاج الذي يمارس هنا، هو الذي خطط المكان كله. أي أنه هو المدير الاساسي ويعمل بين الطابقين الأول والثاني” .
“إن قوته العارمة تشع من هناك ولكنني أضمن لك أن تأثيره لا يصل أعلى من الطابق الثالث حيث أن تفاصيل الأنظمة تفسر بدون دقة، قلب المستشفى في الطوابق السفلي وتحتاج أن تكون هناك للحصول على علاج أفضل” .
قال جوزیبی کورتی بصوت متقطع ” أنت إذا تنصحنى…..” واصل الطبيب حديثه دون تشويش “هناك شيء أريد اضافته،في حالتك هناك يوجد عناية خاصة بالأكزيما إذا وضعناها في الإعتبار. إنها بالفعل ليس لها أي أهمية لكنها بالأحرى مزعجة فعلى المدى البعيد ستضعف معنوياتك، وأنت تعرف أهمية راحة النفس من أجل الشفاء.

الأشعة التي قمت بها كانت نصف ناجحة. لماذا؟ لعلها كانت حالة خاصة أو ربما الأشعة لم تكن فعالة بصورة كاملة، في الطابق الثالث الجهاز أكثر فاعلية، فرص الشفاء من الأكزيما ستكون أكبر. ثم أنظر؟ عندما يتم البدء في الشفاء، يكون الجزء الأصعب قد انتهى. عندما ستشعر بالتحسن لن يكون هناك على الإطلاق أي سبب يمنع صعودك إلى هنا من جديد، أو حتى أعلى من هنا، وفقا لاعتقادك إلى الخامس أو السادس أو ربما السابع .
” لكن أتعتقد أن هذا سوف يسرع من شفائي؟ “، ” ليس هناك شك في ذلك. قلت من قبل إننى سأفعل ذلك لو كنت في مكانك”. كان الطبيب يتحدث بكلام مماثل لهذا إلى كورتي كل يوم.

في النهاية بعد أن فهم عقبات الأكزيما وعلى الرغم من رفضه النزول طابق أدنى، قرر جوزيبي أن يستمع لنصيحة الطبيب وينزل إلى طابق أسفل. لاحظ للتو أن الطابق الثالث كان له أثر خاص مبهج لدى الأطباء والممرضين على السواء على الرغم من أن الحلات المرضية التي تعالج في هذا الطابق كانت أشد خطورة.

لاحظ أيضًا أن هذا الابتهاج يزداد يوم بعد يوم وكان لديه فضول لمعرفة السبب، لهذا سأل جوزيبي الممرضة لماذا كانوا سعداء هكذا ؟ أجابت الممرضة “أوه، ألا تعرف؟” “خلال ثلاثة أيام سوف نذهب جميعًا في إجازة، والطابق كله سيغلق لمدة اسبوعين وجميع أعضاء الفريق الطبي والتمريض سيذهبون للنزهة حيث أن كل طابق من الطوابق له إجازته”، “وماذا بشأن المرضى؟”، “إنهم قليلون العدد نسبيًا لذا سيتم دمج طابقين في واحد. “كيف سيدمج مرضى الطابق الثالث والرابع؟ صححت الممرضة حديثها” كلا كلا، مرضی الثالث والثاني، المرضى في هذا الطابق سينزلون إلى أسفل” قال جوزيبي كورتي وقد بدا على وجهه شحوب الأموات” أسفل إلى الثاني؟ “يجب على النزول إلى الطابق الثاني” “حسنا بالفعل، ما وجه الغرابة في ذلك؟ حين نعود خلال أسبوعين سوف تعود إلى هنا إلى الحجرة ذاتها.
لا يبدو لي أن هناك شيئًا مرعبًا في الأمر.إلا أن جوزيبي – غريزة غريبة قد أنذرته مسبقًا- كان يبدو وجهه خائفًا. لكنه كان مقتنعًا أن العلاج الجديد بالأشعة سوف يشفيه حيث أن الأكزيمات زالت تقريبًا- لم يستطع إبداء أي معارضة على هذه النقلة الجديدة.

لكنه أصر على الرغم من مزاح الممرضين بأن تلصق ورقة على باب غرفته الجديدة يكتب عليها جوزیبی کورتی، الطابق الثالث مؤقت، لم يحدث شييء كهذا في تاريخ المستشفى لكن الأطباء لم يمانعوا خوفًا أن يسبب رفضهم صدمة خطيرة لمريض متوتر جدًا مثل جوزيبي كورتي. تلك ببساطة مسألة انتظار تستغرق أسبوعين لا أكثر ولا أقل.

“بدأ جوزيبي كورتي ينتظرها بلهفة عنيدة، راقدًا بلا حركة في سريرة لساعات طويلة دون انقطاع محدقًا في قطع الأثاث، التي لم تكن لطيفة وحديثة كما كان في الطوابق العليا؛ بل هي هنا أثقل، وكئيبة ومتهجمة. بين الحين والآخر يرهق أذنيه حيث كان يخيل إليه أصواتًا قادمة من الطابق الأسفل، طابق المحتضرين – صيحات غامضة من العذاب. كان كل ذلك بطبيعة الحال دافعًا له إلى الإحباط.

وكان انخفاض معنوياته عاملاً مساعدًا للمرض. حيث الوقت هو منتصف الصيف – لم يعد بوسعه أن يرى السقوف ولا حتى المنازل، ليس سوى الجدار الأخضر الذي يحيط بالمستشفى.

بعد مرور أسبوع، في الساعة الثانية بعد ظهر أحد الأيام ، دخل غرفته فجأة رئيس الممرضين وثلاثة ممرضين وكانوا يدفعون عربة. سأل رئيس الممرضين بفرح غامر “الجميع إذا مستعدون للنقلة؟، سأل جوزيبي کورتي بصوت متقطع” أي نقلة” ، “ما كل هذا ؟ فريق الطابق الثالث لم يعد حتى الآن من بعد أسبوع من إجازتهم ؟
كرر رئيس الممرضين دون أن يفهم “الطابق الثالث”، “لدى أوامر بأخذك إلى الطابق الأول،أنظر هنا” وجعله يرى نموزجًا مطبوعًا للانتقال إلى الطابق الأول موقعًا من البروفيسور داتی نفسه. صدرت عن جوزیبی صرخات طويلة غاضبة، ترددت أصداؤها خلال الطابق بأكمله، كإنه يعبر عن الغيظ الشديد، توسل إليه الممرضون “اهدأ اهدأ من فضلك”، “ثمة مرضى آخرون هنا وهم ليسوا بحالة جيدة”.

لكن تطلب الأمر أكثر من ذلك لكي يهدئوه. في نهاية الأمر ظهر طبيب الطابق الثاني- وهو شخص لطيف جدا ومتعلم، أخبر بالأمر وشاهد النموذج واستمع لقصة جوزيبي كورتي. ثم التفت بغضب إلى رئيس الممرضين وأخبره بأن هناك خطأ في الأمر، فهو نفسه لم يستقبل تلك الأوامر، لمدة من الوقت كان المكان يعمه الفوضى، هو نفسه لا يعلم ماذا يجري في هذا المشفى.

في النهاية، بعد الانتهاء من حديث الطبيب مع رئيس الممرضين، التفت بأدب إلي مريضه، واعتذر له بشدة. أضاف الطبيب” لسوء الحظ البروفيسور داتي غادر المستشفى قبل ساعة من الأن ولن يعود إلا بعد يومين. إننى أعتذر بشدة ولكن أوامرة لا يمكن إهمالها. هو الوحيد الذي يستطيع التراجع عنها، إنني أضمن لك أنه خطأ لا أفهم كيف حدث “. بدأ جوزيبي كورتي يرتعش بصورة تثير الشفقة. ليس لديه القدرة لسيطرة على نفسه. تملكه الخوف كطفل صغير. تردد صدى صوته البطيء اليائس في أرجاء الغرفة.

كل هذا بسبب خطأ فادح، تم نقله إلى المحطة الأخيرة. الأمر الجوهرى وفقًا للرأى الطبي الحازم، إنه جدير بالطابق السادس، أو السابع وفقًا لدرجة المرض! كان الوضع في منتهى الغرابة مما كان يدفعه إلى الرغبة في الضحك المتواصل.

نام في فراشه بينما كان دفء ما بعد الظهيرة يتغلغل إلي المدينة الواسعة، كان يتطلع إلى خضرة الأشجار خلال النافذة وبداخله شعور أنه جاء إلى عالم خیالی، عالم معزول بجدران، مليء بممرات مخيفة وأشباح إنسانية بيضاء خالية من الروح . لدرجة أنه خطر بباله أن الأشجار التي يشاهدها عبر النافذة ليست حقيقية وخصوصًا عندما رأى أن أوراق الأشجار لا تهتز أبدًا. هذه الفكرة ضايقت کورتی حيث استدعى الممرض وطلب منه نظارات لقصر النظر، هدأ قليلاً عندما استخدمها ورأى أن أوراق الشجر حقيقية وأنها كانت تهتز قليلاً بفضل الريح. بعد انصراف الممرض، أمضى نصف ساعة في صمت تام .

ستة طوابق، ستة حواجز مخيفة، بسبب خطأ رسمى، نزلت بكل ثقلها على روحه. في كم سنة، يحق له أن يفكر متى سيكون بمقدروه أن يصعد مرة أخرى إلى قمة المستشفى؟ لكن لماذا أمست الحجرة فجأة، مظلمة جدا؟ لا يزال الوقت منتصف ما بعد الظهيرة. بمجهود فائق بذله جوزيبي الذي شعر بأن كسلاً غريبًا يشل جسده، تمكن من مشاهدة الساعة الموضوعة على طاولة بجانب سريرة وكانت تشير إلى الثالثة والنصف. أدار رأسه إلى الناحية الأخرى ورأى الستائر الثقيلة تخفى أمرًا مبهمًا، وتنزل ببطء حاجبة عنه الضوء.

مقالات ذات صلة

‫21 تعليقات

  1. ترجمة سلسة للغايه ومبسطة ،أحب الترجمة السلسله بدون تعقيد خاصة للقصص القصيرة
    والقصة ذاتها جميلة وتحمل رسالة هامة للبشرية وهي أن الموت قريب جدا من الإنسان ومن يعتقد أنه بصحة جيدة ،أي انه في عالم الاصحاء مثل البطل فهو مخطأ

  2. قصة جميلة وترجمة تتسم بالكفاءة والبساطة الأدبية وهذا الأمر جيد جداً ،بالتوفيق

  3. ترجمة رائعة وسلسلة ،استخدمتي الفاظ عربيه أدبية متداولة وابتعدي عن التعقيد الادبي ،دوام التوفيق

  4. حلوه اوي القصه يا دكتور ما شاء الله وترجمة حضرتك رائعة انا قرأت القصة باللغة الإيطالية وترجمة حضرتك وعرفت كلمات كتيره جديده ،ربنا يوفق حضرتك دايما يارب

اترك رداً على ندي صالح إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى