متى تنبت زهور إبداعك؟
أ.د. محمد سعيد حسب النبي | أكاديمي مصري
عرفتُها منذ سنوات تبدو بحسابات الزمن قليلة، وبحسابات الأثر طويلة ومديدة. وإن تعجب فعجب ما تستشعره من أثر ينساب في نفسك وعقلك ووجدانك إذا جمعك بها لقاء، حتى ترى نفسك وقد تشبعت بمشاعر إيجابية غير مدركة، وفاح من فكرك أريج إبداعات غير سابقة، ولا تدري من غرس بذورها في وجدانك؟ ومتى أنبتت زهورها في فؤادك؟ وكيف تاهت نفسك عن كوامن البراعة في ذاتك؟ وإذا بها تهبك ما يلهب حماسك بكلمات تفوق سحر بيان الشعراء.. إنها واحدة من نوابغ صناع التعليم الخاص في مصر الدكتورة نوال الدجوي.
ولا أدري لماذا كلما التقيتها لاحت في ذهني صورة الملك ميداس، والتي حكت الميثولوجيا الإغريقية عن قدرته على تحويل أي شيء يلمسه إلى ذهب، وهكذا نوال الدجوي تستطيع أن تحول ما تلمسه في نفوس الآخرين إلى ذهب يتجسد في طاقة إيجابية، وإبداعات فكرية، وراحة نفسية.
ولا يجد المتابع لفكر نوال الدجوي أية مشقة في اكتشاف رغبتها الملحة في إطلاق العنان للطاقة الذاتية لديها ولدى الآخرين، ثقة منها في قدرتنا على الوثوب إلى أبعد ما تلحظه عيوننا، حيث العالم الذهني الذي لا يزال مجهولاً لدينا، فلا يمتد إلا ضمن المسافة التي نظن أننا قادرون على قياسها واكتناه أبعادها.
ويبدو أن عوامل التنشئة الأولى لدى نوال الدجوي كان لها دورها في تكوين هذه الشخصية الفذة، حيث آمنت بقدراتها واختلافها، فأتاحت المجال للبوح بألوان إبداعها، وسلحتها بما يمكنها من السير بين نيران الحياة التي قد يسترها أحياناً رماد خادع. كما ألهمتها تلك النشأة احتمال ما قد يبدو للرائي قليل الألم، وهو في وقعه على نفسها كثير الوجع.
إن حياتنا الاجتماعية لا تلتئم إلا في وجود أصحاب الفطرة النقية، تلك الفطرة التي تجلت دون عناء في البنية النفسية العميقة لنوال الدجوي، فترى عذب حديثها ووقع كلماتها يعكس ذوقاً رفيعاً، ويشف عن قلب رقيق، لا تملك نحوه إلا أن تحسن الإصغاء والتأمل، لتجد نفسك في رحاب تحب معه الحياة، تسبح في فضاء نفسي لا متناه.
إن الذين يُنبتون زهور الإبداع في المجتمع هم رعاة التطور الحقيقي، إنهم المحفزون للابتكار والمبتكرين، المولدون للقادة الناجحين، القادرون على توجيه الحياة بقلوب عظيمة وعقول مُفتحة، تترع بعقيدة إبداعية، توفر بيئة ثرية، وذهنية ندية، حيث العلم والفكر، والعقل الحر الطليق.