هل كان ترامب محقاً في خروجه من اتفاقية المناخ؟

د. صلاح حزام | العراق – خبير تخطيط اقتصادي

لا تهدف هذه المقالة إلى الدفاع عن مواقف ترامب أو تبريرها وإنما تهدف إلى إيضاح بعض الحقائق التي استند إليها في اتخاذ قراره بالخروج من اتفاقية باريس للمناخ وماترتب عليها من قرارات داخلية.

لقد دأب ترامب على الإشارة إلى الصين لتبرير قراره هذا وإنها تستفيد على حساب الولايات المتحدة.

فكيف تستفيد الصين؟

تصنف الصين باعتبارها دولة نامية من قبل منظمة التجارة العالمية وكذلك من قبل اتفاقية باريس للمناخ.

يعود تصنيف الصين كدولة نامية إلى عدة أسباب منها أن في الصين حاليا أكثر من 150 مليون إنسان يعيشون تحت خط الفقر كما إن نصيب الفرد في الصين من الناتج المحلي الإجمالي لازال متواضعا بالرغم من كونها تمتلك ثاني أكبر ناتج محلي في العالم بعد الولايات المتحدة، بسبب عدد سكانها الكبير الذي يبلغ مليار وأربعمائة مليون إنسان .

وقد كان نصيب الفرد في العام (2001) حوالي ألف دولار فقط وارتفع في عام 2018، إلى  9770 دولار أمريكي.

بينما بلغ في أمريكا للعام 2018، 62800 دولار وفي اليابان 39290 دولار وفي بريطانيا حوالي 43 ألف دولار.

ذلك يعني منح الصين إعفاءات خاصة لاتتمتع بها الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والدول المتقدمة الأخرى.

لذلك فإن الصين التي تساهم بنسبة 24% من التلوث العالمي ليست مضطرة لخفض الانبعاثات الغازية التي تسبب التلوث بشكل فوري أو سريع باعتبارها دولة نامية غير قادرة على ذلك.

أما الولايات المتحدة التي تساهم بنسبة 12% فقط من التلوث العالمي فإنها ملزمة بموجب الاتفاقية بالبدأ بخفض الانبعاثات بشكل سريع. وخفض الانبعاثات هو عملية مكلفة على الاقتصاد بطبيعة الحال.

فعلى صعيد الاقتصاد الكلي قرر الرئيس أوباما أن تتوقف كافة محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم في الولايات المتحدة بحلول العام 2025م. وتبلغ نسبة الكهرباء التي تولد بالفحم في الولايات المتحدة 34% من إجمالي الكهرباء المولدة.

وهذا يعني غلق معظم مناجم الفحم في البلاد وفقدان عشرات الآلاف من الوظائف. وقد بلغ عدد عمال مناجم الفحم في الولايات المتحدة في نهاية 2016 خمسين ألف عامل.

عمال المناجم، تاريخياً، لايستطيعون الانتقال إلى أية مهن جديدة في معظمهم. وفشلت جهود بريطانيا في هذا الخصوص عندما أغلقت المناجم التي كانت تخسر وتحول معظم عمال المناجم المسرحين إلى مدمنين أو مشردين.

قام ترامب بإلغاء قرار أوباما وحقق مكسبين:

الأول اقتصادي كما ذكرنا وهو الاحتفاظ بالوظائف .

والثاني سياسي انتخابي وهو كسب دعم العاملين في هذا القطاع.

أما على صعيد الاقتصاد الجزئي، فإن قرار أوباما في حالة تطبيقه يعني بناء محطات جديدة أو تغيير القائم منها واستخدام وقود أعلى كلفة من الفحم، مما يعني ارتفاع أسعار الكهرباء التي تستخدمها المصانع الأمريكية وبالتالي ارتفاع تكاليف إنتاجها مما يعني انخفاض قدرتها على منافسة المنتجات الصينية والتي هي منخفضة أصلا.

الصين بطبيعة الحال لاتخضع لمثل هذا الإجراء بدليل أنها تزيد باضطراد من استهلاكها للفحم مع إنها أكبر ملوث في العالم. وترامب اعتبر ذلك سلوكا غير عادل وقرر الخروج من اتفاقية باريس وبالتالي إلغاء قرار الرئيس السابق أوباما.

وأخيرا أعتقد أن مصلحة العالم ومستقبل الحياة على كوكب الأرض تقتضي التعاون الدولي البعيد عن المصالح الوطنية الضيقة لأن التلوث يسبب دمارا تدريجيا للحياة على كوكب الأرض أشدٌ فتكاً من فايروس كورونا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى