حديث الأموات الأحياء

د. علي زين العابدين الحسيني

صدر حديثاً كتاب “حديث الأموات … تراجم ناطقة عن شخصيات سابقة”، وسيكون متوفراً في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وهو كتاب في فن التراجم، تراجم للأعيان والمشاهير من العلماء والأدباء والفقهاء والقرّاء والمثقفين من أساتذتي الذين تعرفتُ عليهم وأخذتُ عنهم واجتمعتُ بهم من مختلف البلدان، والكتاب من تصنيف كاتبه د. علي زين العابدين الحسيني.
(1)
“حديث الأموات” هو شوقٌ ملح إلى استطلاع الماضي، واستكناه الحاضر، واستحضار المستقبل.
وما ازورت النماذج الثقافية النيرة عن المجتمعات إلا بعد ابتعاد الكثيرين عن تقديم تراجم أولي الفضل وأرباب الثقافة، فضاعت أخبارهم، ونسيت مآثرهم!
إنّ ما خلف هؤلاء الأعلام المترجم لهم في “كتابي” من الثقافة والحضارة والأعمال الجليلة لدليلٌ ناهضٌ على سمو مبادئهم وبلوغ مقاصدهم!
(2)
لا أخفيك أنّ مظاهر العزم في أحاديث (أستاذي الأكبر) المؤرخ محمد رجب البيومي معي كانت توسع في أنظاري فكرة الأمل في جمع تراجم الأعيان والمشاهير، فالخير منه وإليه، وما كتابي إلا امتداد للمدرسة البيومية، وتتمة لما قطعته من أشواط في سبيل بقاء هذه المدرسة، وما وضعته من لبنات في ذلك الصرح التاريخي لمحمد رجب البيومي، وأعني به الكتابة “الأدبية التاريخية” التي تفرد بها في هذا العصر.(3)
حديث الأموات
يهدف إلى تسليط الضوء على حيوات بعض الأعلام المعاصرين، الذين رحلوا بأجسادهم، لكنهم يعيشون معنا بأرواحهم ومنجزاتهم.
أجل هم في عداد الموتى لكن لوفاتهم حديثاً بيننا فكان حديث الأموات تعبيراً عن صدق كلامهم.
إني ولدٌ لهؤلاء الصفوة جميعاً، وإليهم أنتسب في نسب العلم والقلم!
أرجو أن أكون باراً بهم!
يهدف “حديث الأموات” إلى نوع من الوفاء لسير هؤلاء الكبار، وتركيز الضوء على أهم مآثرهم؛ ليكونوا لنا نبراساً في الحياة، فنتخذهم نماذج وقدوات صالحة لكل ما ينفعنا في مستقبلنا.
(4)
في حديث الأموات:
1- بيان بعض المعلومات النادرة والعزيزة التي تكشف عن حيوات المترجم لهم.
2- الكشف عن عدد من أفكارهم وأخلاقهم ومواقفهم الإنسانية.
3- ذكر بعض المنجزات العلمية والكتب والمؤلفات للمترجم لهم.
4- بعض التراجم العزيزة لبعض الشخصيات الرائدة، وقد انفرد “حديث الأموات” بذكرهم وتراجمهم.
5- الاهتمام بالترجمة لعدد من الأعلام الموزعين على بلدان الأمة العربية والإسلامية، ما غطى مساحة معتبرة من جغرافية الوطن العربي، ففيه ما يكفي للاعتناء بالثقافة العربية والإسلامية على حد سواء.
6- تحليل لمناهج الإنجاز والنجاح في كثير من الشخصيات، مما يجعل الكتاب زاداً لرواد المعرفة وطالبي الإصلاح، مع التجرد التام -فيما أظن- لعوامل الوراثة والدراسة والبيئة.
7- عدم إهمال المصنف لدور المرأة التعليمي في المجتمعات، فترجم لعدد من النساء اللاتي كانت لهم بصمات معرفية مجتمعية.
8- الربط بين العلماء في التخصص الواحد، ومحاولة الكشف عن أوجه استفادة العلماء بعضهم من بعض.
9- الاهتمام بالمناهج التعليمية في بعض البلدان، والإحاطة ببعض المدارس التعليمية التي كانت لها جهود كبيرة في تزويد الحقل المعرفي، وذكر عوامل الربط والعلاقة بين الطلبة المريدين والأساتذة الواصلين.
10- العناية بضبط أسماء الشخصيات، وذكر بعض أسانيد الرواية، والتحقق من إجازات بعض العلماء، وفيه صور لإجازات بعض المشايخ المعاصرين لطلابهم، وذكر لكثير من الأعلام ورد ذكرهم تبعاً مما يجعلهم محلّ دراسة من الباحثين.
11- إحياء ذكرى بعض الأسر العلمية الذين انصرفوا مدة الوقت في طلب العلوم ونشرها، ولعل في ذكرها تشجيعاً للجيل الحاضر على مواصلة ما عليه أجدادهم من أمجاد، والذكرى تثير الذكرى.
12- الجديد في الطرح والأفكار والأسلوب والتحليل والاستنباطات والمقارنة.
(5)
كل ما في “حديث الأموات” من أحداث وحكايات وأخبار خليق أن يبعث من عيون قارئه دمعة ومن ألسنتهم دعوة بالترحم على هؤلاء الأعلام، ولا أظن أن قارئه حينئذٍ سيحرمني دعوة صالحة خفية … وهذا الجزاء يكفيني.
(6)
حديث الأموات:
كم في أيامك من قلب مفطور!
وكم فيك من جسدٍ معلول!
وكم معك فكر متبدد!
وكم في لياليك من خاطر متعدد!
والحمد لله أني أنجزته بصورة أنا راضٍ كلّ الرضا عنها، وقد لقي قبولاً من ذوي العلم والفضل ممن نظر فيه، وتفضل عليّ بمقدمة عزيزة، وهم السادة الأعلام: العلامة الموسوعي أ.د خالد فهمي، والناقد الأدبي الكبير د. أحمد فرحات، والأديب السارد د. السيد شعبان، والعالم المعرفي د. محمد مصطفى الكنز، والأديب الناقد الطلعة محمد دحروج.
صدر الكتاب عن شركة M M E A D التابعة للكاتب محمد دحروج، بالتعاون مع دار فنون للنشر، و سكون متوفراً بجناح الناشر في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2022 في دورته الــــــــ 53. (دار فنون = ومطبوعات محمد دحروج / صالة 1، b 53)

(7)
وأخيراً:
أما “حديث الأموات” فسأعود إليه بعد طبع هذا الجزء، فبين يديّ تراجم كثيرة لأكابر معرفيين لم يسعفني الوقت لإخراجها في هذا الجزء المطبوع، وقد أخذتُ أهيئ الأسباب لظهور الأجزاء الأخرى -التي أرجو أن يساعدني الله على إنجازها- في الشهور المقبلة.
لعل العودَ قريب!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى