عبد الجبار السنوي الشاعر العاشق!

علي جبار عطية | كاتب وصحافي عراقي
على قصر لقائي معه للمرة الأولى قبل أيام في شارع المتنبي في قلب بغداد سلب لبي هذا الرجل!
إنَّه الشاعر عبد الجبار السنوي !
هيأته هيأة شاعر، وهمته همة ملوك كما يقول المتنبي الذي يعشقه كثيراً :
همتي همة الملوك وإنْ
كان لساني يُرى من الشعراء !
كنتُ أظن أنَّ لقبه جاء نسبةً إلى السنة والعام لكنَّه قال لي : إنَّني أنتمي إلى عشيرة السنوي التي لها أصلان : الأول (سنه) في السليمانية ، والثاني (سنا) في إيران، ولقبنا العام هو (الجاف) .
تخرج في جامعة بغداد /كلية التربية /قسم اللغة العربية سنة ١٩٦٧ ليمارس بكل تفانٍ تدريس اللغة التي شرفها الله بالقرآن الكريم.

لم يشفع له نبوغه في النحو والأدب في حمايته من مضايقات السلطة الحاكمة فاضطر إلى التقاعد سنة ١٩٩٨م لكنَّه ، لم يتقاعد من مراجعة الكتب وتصحيحها وكذلك لم يمل من الحب، والشعر، واللغة، لهذا وجدت فيه وزارة التربية والتعليم العراقية ضالتها فاختارته سنة ٢٠١٨م ليكون ضمن لجنة وضعت منهج اللغة العربية في الصف السادس الثانوي.
إخلاصه للغة العربية يفوق الوصف فهو يعد غير العرب حفظوا اللغة العربية أكثر من العرب الذين ضيعوها !
أما عشقه للشاعر أبي الطيب المتنبي فلعله بتجاوز فيه حتى دارسي شعره والمغرمين بمالىء الدنيا وشاغل الناس عن جدارةٍ واستحقاق، فهو يقول : حفظت للمتنبي أربعة آلاف بيت من مجموع خمسة آلاف بيت !
لكنَّه يخشى من النسيان الذي يشاركه الأكل من مائدة ذاكرته !
حين سألته عن المبالغة في عدد قصائد وأبيات المتنبي قال : عليك بالسيرة التي كتبها الأديب ناصيف اليازجي (العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب) في ذلك، ولا عليك بغيره.
ثمَّ ألقى بيتاً مثيراً للمتنبي يقول فيه :
إذا غدرت حسناء وفَّت بعهدها
فمن عهدها ألا يدومَ لها عهد !
وزاد بالقول :
وَلَمّا اِلتَقَينا وَالنَوى وَرَقيبُنا
غَفولانِ عَنّا ظِلتُ أَبكي وَتَبسِمُ
فَلَم أَرَ بَدراً ضاحِكاً قَبلَ وَجهِها
وَلَم تَرَ قَبلي مَيِّتاً يَتَكَلَّمُ
هو لا يتكلف الشعر ولا الحب بل يأتيه عفواً فله أحد عشر مؤلفاً في ذلك كما في مجموعته الشعرية (كل حديث غزل) ومجموعته (مراحل من عمر الزمن) تجده كما في قصائده يفتح ساقية الأحزان ويقدم الشكر إلى الخنجر فيقول :
لك شكري أيها الخنجر
سافر
في مدى الأضلاع نصلا
واستبق فارس أحلامي
أو المرآة
من دون حديثٍ يتجلى
يدافع السنوي عن نفسه حين يرى دهشة من يسمعه، وهو يتحدث عن الحب بشعر أحمد الصافي النجفي الذي يقول فيه :
سنّي بروحي لا بعد سنين
فلأسخرن غداً من التسعين عمري إلى السبعين يركض مسرعاً
والروح ثابتة على العشرين!
هل هناك علاقة بين حب الشعر، وحب المرأة، وحب الحياة؟
هو يرى أنَّها كالمثلث متساوي الأضلاع وأنَّ موت أحدها يعني موت الضلعين الآخرين ؟
هذه إجابته كشاعر فياترى ماذا يقول أهل الفكر !؟