قصيدتان مترجمتان من شعر: روبرت لافييل
ترجمة: سامي الكيلاني
الراقصة الشرقية
منهكاً من هزّة السنام
من خبَبِ الجِمال،
الشمس قد ألهَبَت عيوني
تشقق الجلد مني واحترق
وأنا أعبر دروب الصحاري
أعود إلى البحر
إلى بياض الرمال، برودة المياه
وفي سويعات الأمسية المتثاقلة
وجدتك في بستان الحانة
مليئة بالأحلام والنار التي تتّقد
عبير من ياسمين ومن تمور وأعناب
تهزّ زينتك البهيّة كرة الأرض
تنتشر الرعشة في جسدك
في خمارك
تنتشر كدوّامة من الياسمين والنعناع
فيافيك الوحشية تمتد حتى
تفجّر النجوم
تلد الكون من جديد
لحظ عيونك، آه من لحظ عيونك
خشب الصندل المتوهج يُسكِر عيوني
يُثملها دون خجل
يبتسم البدر لك ويضيء نوره فوق تضاريسك
في ردفيك تترنح النجوم ثملة
يحدّق الوجود فيك مُعجباً
وقبلة إثر قبلة تحبو نظراتي فوق الجسد
ارقصي، ارقصي، تراقصي يا زهرة هذي الليلة
إغوِني بشذاك الآسر
خذيني في دوّامة يديك الخافقتين كجناح الطير
مِسّيني بأرجوحة الخصر الراقص، اكتسحيني
دوائر الأنوثة التي تشعين على الدوام
تسحر آلاف الأطفال مثلي
توقظهم
تجذبهم حتى أطراف البنان
خصرك الراقص مركز هذا الكون
وآخر المنازل، الملاذ الأخير
بوابة مشرعة نحو السماء
معك أنت تتملكني الرغبة أن أترك خلفي
الشمس، والظمأ، وكل الألم
معك أنتِ يا آلهة اللؤلؤ
يا زهرة المساء
التي هبطت لتحملني بعيداً عن هذي الأرض
زهرة شرقية
يتشرّب جسدي الموسيقى
حتى أغوار روحي
نسغ الحياة لزهرتي
تتصل الروح
تتّحد
تصبح ثملى
وتدخل
إلى أعماق المجهول
تتوقف جامدة
حتى تدبّ الحركة فيها
تهتزّ بلطف
تتردد
تمضي تتصاعد
تتذبذب
إلى أن يحكم الكُلِيُّ فيها المكان
أُصبح بريّاً
مأخوذاً، ممسوساً
مغوياً
بسحر زهرتي
==
لا تلمسني
كن ناعماً
كيلا تلمس رقّتي
لا تلمسني
لا تلمسني
أنا لستُ سلعة للبيع والشراء
أنا هنا لأغذي أحلامك
أنا هنا لأغذي توقك البعيد
دعني حرة
لا تدمرني
أو أن أفتح لك الخيال
أن أمنحك المسرّة
أُنعش زهرة روحك
ألعب لعبة الإغواء
أوجه لك دعوة لأستكشف بساتينك الداخلية
انظر إلى خصري
الذي عرفته مرة كبيت آمن
انظر إلى سرّتي
كنت يوماً متصلاً بالحياة عبرها
انظر إلى ردفيّ
كنت يوماً محمولاً بهما
===
اسمع صوتي
إذ يتردد مع
ألف ليلة وليلة
ذبذبات الخلود
كرياح تهب على البحار الداخلية
===
أعرض على ناظريك أنت
آفاق هزات خصري
التي لا تنتهي
دورات، هزات تبحث عن مركزها
لا تبلغ ذاك المركز أبداً
تلاطف دوماً قوة الحياة فيّ
تلاطف برعم وُرَيْدتي الجميلة
أريك أنت
سرّتي التي تدور كمغزل
عين الطقس السري
علامة أجناسنا نحن البشر
أريك أنت
نهديّ المهتزين
مليئين بالرغبات والتوق الشديد
بحاجتي إلى الضم والأنسنة
إشارة أمومتي
التي تعكس بحبٍّ نوع وُرَيْدتي
أريك أنت
يديّ والذراعان
النار في أصابعي
تطير واصلة إليك
وريقاتي التي ترفّ ملوّحة لكل الكائنات
أريك أنت
رأسي
تتعلق فيه الأفكار
تذوب هزاته في جسدي
تلألؤ عيوني
قمة السعادة في ابتسامتي
دفء شفتيّ
الإشعاعات الجميلة التي تشعها ورَيْدتي
أريك أنت
جلدي
ناعماً نديّاً كالرمل
لامعاً بقبلة الشمس للبحر
يلفظ آهاتي زبداً
لإنه شذى وُرَيْدتي
أريك أنت
قدميّ العاريتين
وامتداد ظل قامتي
وشموخ خصري
ونهوض زهرتي حتى السماء
وأريك أنت
تموّج شعري الطويل
إذ يعانق تضاريس الجسد
دون أن يمسّه
يحمل حبّ زهرتي الأبدية
أريك أنت
أناقة ثيابي
وما يثيره نقابي الشفاف
وبهاء زينتي
وبهاء التلألؤ من تباريق ثيابي
كل ما يبرز أنوثة زهرتي
أريك أنت
روعة الجمال في جسدي
رقّة الشهوات
السعادة في حركاتي
والسحر في ثناياي الشهية
شدة حبي
وألوان زهرتي
===
أريك أنت
خبايا وأسرار أنوثتي:
زهرة قلبي
تفتّح النوّار في كينونتي
ـــــــــــــــــ
الدكتور روبرت لافييل– بلجيكيا: أستاذ جامعي، شاعر، مناضل من أجل حقوق الإنسان والسلام. دكتوراه في علم الاجتماع ودكتوراه في علم الصحة البديلة، شاعر. صديق للفلسطينيين وزار فلسطين مرات عديدة، تطوع في جامعة النجاح الوطنية، نابلس وشارك في برامج مركزها للخدمة المجتمعية. وفي هاتين القصيدتين يظهر إعجابه بروح الشرق من خلال ما يرمز إليه الرقص الشرقي الذي يصفه في مقدمته للكتيب الذي يحوي القصيدتين بأنه “طقس نشوان للتعبير عن أكثر ما في أعماقنا من رهافة الحس، أكثر ما في الأنوثة من جوانب روعة”
رحل قبل سنوات بعد صراعٍ مع السرطان تاركاً تراثاً علمياً وأدبياً زاخراً بالروح الإنسانية.