تجاعيد الماء (19)

سوسن صالحة أحمد | شاعرة وكاتبة سورية تعيش في كندا

رسائل سيدة 1.. (عابر عمر)

 تمنيت ياصديقتي في كل هذا العمر الذي مر معه أن يضمني إليه لمجرد أن يحتويني ويشعرني بذلك الاحتواء، مرة واحدة يشدني إليه فيها، يشم عبقي دون رغبة أو شهوة، مرة واحدة يلم فيها شعث روحي، يمتلك فيَّ روح الأنثى، يمنحني حباً وحناناً من غير أن يطلب جسداً.

تمنيت لو نظر لي مرة واحدة دون أن يتفحص فيَّ الأنوثة الجسدية أو ما تغير السنين في جلدٍ عمره من عمر الأرض، يكبر ويتشقق ويشيخ كما الأرض تكبر وتتشقق وتشيخ، كما هو أيضا يكبر.

تمنيت لو نظر لي والرحمة تملأ قلبه، الود يغلب في ما يرسل من نظره، الحنان يشع في كله، أن أساوي عنده روحا، كياناً.

يرحم بذلك أنوثتي القوية بضعفها القوي، فلا يزدريها ويجعل منها محطة استراحة لأثقال فحولته، وميراث مقادير اجتماعية، لم تحشُ في عقول الرجال من النساء إلا أنهن أمهات حنونات وزوجات مطيعات، يأتين الزوج ولو على ظهر بعير.

أنوثتي ليست فقط بحاجة للفحولة، إنها تحتاج قبلها الرحمة والإنسانية، التقدير والفهم والتفهم، مساواتها للذكورة في الوجود والإيجاد لإنسان، ليست فقط تضاريس جسدي، إنها أناي بكل ما فيها من ضعف وقوة، مد وجزر، رفض وقبول، هي كل إحساس يعتريني أو يفلت مني، هي أنا بكل تفاصيلي الصغيرة والكبيرة، فلماذا يدفنها فقط في السرير؟

نعم أكون مومساً ويكون زنديقاً حين يختصر الحب في شهوة الجسد دون الارتقاء بالصدق لترتقي معه الروح في معراجها حيث هي التشكيل الأول للطين، حيث لا ذكر ولا أنثى، كل ما كان أرواحا تفصلت على شكل إنسان.

الحب جسد يرقص وروح تعلو، لا استهلاكه حتى يكل رقصته، لا فرق بين ذكر وأنثى في التكوين، لا في العرض ولا في الطلب، كلنا في الطين الأول واحد، الاشتهاء من جوع رغبة آنية، وعلى الشبع والاكتفاء وجودٌ فارقَ الذاتَ لذاتِ الآخر ليكونها بكل أحوالها، يصير اسمه باسم داعيه، حب ولا شئ آخر، والحب لا ارتواء فيه ولا له، لا يلبس الصفات والأحوال، وهو جميعها، فلا يبقى السرير إلا متكأً للروح آخر ما يتبع فيه الجسد ليكونها، أخشى أني بِتُّ أكره جسدي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى