مانكير أزرق (2)
إيمان الشافعي | كاتبة مصرية
– حرريني .
– وهل تريد ذلك حقا؟!
– أنا لا أعرف ماذا أريد !.. ولكنني أعي تماما أن ما يحدث فوق احتمالي .
– وماالجديد؟!
– لقد شارفت على حافة الجنون لا أستطيع تحمل المزيد .
– هل هي تلك الأحلام المجنونة التي تداهمك منذ افترقنا؟
– أحلامي أضحت أكثرصراحة وقسوة .
– كيف؟
– في السابق كنت كلما أمعنت في البعد أستدعيتك في منامي وتأتين.. وكلما أردت الهروب من خدمة الملكة أستيقظت وعدت للحلم كما أشاء، أما الآن فأنت تفرضين علي خدمتك أنّى شئت بدون إرادة مني!
– وهل يمكن لأحد منا أن يصنع حلمه؟
– بل قولي وكيف أقرر أن أستكمل الحلم فأعود لأغطّ في ثبات أعمق لتبقي معي وقتا أطول .
– لا أشك في أنك تستطيع تحضير الجن فأنت رجل مثقف!
-حبيبتي أنا ليس لدي وقت حتى لأغتنم ساعات نوم قليلة فأنتِ تعلمين ما هو منصبي وكيف هو روتيني اليومي المتسارع.
– لكن ما تسرده من تفاصيل محير !
أي تفاصيل تعنين..تلك الخاصة بتفاصيل عالمك الأسطوري أم ما أراه في بيتك؟!
كلاهما محير وعجيب..مثلا كيف عرفت لون ستائري الوردية ووسادتي الغارقة في الحمرة ؟!
كيف رأيت ذاك الكرسي المبتور الظهر أمام مرآتي؟!
-ألم تقولي أنني أستحضر جنا ربما أسترق السمع إليك .
– كف عن المزاح ما تصفه لي يعني أن الجن تطور فربما أصبح يلتقط بعين كاميرا ما يدور داخل الأماكن .
– وماذا عن هذا الخدش الذي أصاب ركبتك أمس؟! أستطيع أن أقول المزيد لولا أني أعلم أنك تخجلين وأرى الآن حمرة الخجل على وجنتيك وماذا عن هذا النتوء خلف أذنك.. فلا تراوغي .
طالعت وجهي في المرآة لأرى هذا النتوء الذي تحدث عنه فتجمدت أطرافي .
– كيف؟!
– صدقيني أنا لا أعرف كم من الشوق أحمل ولا كيف لي أن أراكِ كما لم يركِ أقرب من حولك بل حتى أكثر من نفسك التي بين خافقيك .
لكنك تريد أن تتحرر الآن ؟
وهل للأسير أن يفك حصاره دون إرادة منك، كلما زاد هجرك أقول لا يجب أن أعاود الاتصال بكِ، ولكن صوتا ما داخلي يصرخ: لا مادامت تأتيك طوعا في منامك فهي مازالت تحمل لك نبضاً .
– ماذا طلبت الملكة منك لتغضب وتطلب حريتك؟
– أتأمل قدميك طوال الليل بعد خلع حذائك دون أن أمسه بيدي .
– وما الغرابة في ذلك؟
-أتأمل ملامحك الخارجة من بلورة مسحورة كلما نهضت لأجدك بجانبي تشاطرينني مضجع أحلامي، حينما تبتسمين فتشرق الشمس من عينيكِ، وعندما تقطبين جبينك تتلونين بلون الشفق في الغروب، فوجهك كالماء متيمتي يتسرب داخل مسامي لأتشربه دونما إرادة مني، لكن بالله عليكِ ما ضرورة هذا الطقس العجيب؟!
– أليست أقدامي جزءا مني فلم الغرابة ؟!
– منذ لقائنا الأول منذ عشرين عاما أدركت أنك ملكة وعاملتك بهذا القدر، ولكن ارتباطك بهذا العالم جعلنا نستحضر عصورا لا ننتمي إليها وتشكل مصيرنا المجهول،ولهذا الحد قد تجاوزت معكِ كل حدود اللاممكن بين رجل وامرأة .
– أنت رجل قوي لدرجة تجعلك تبوح بمشاهد تحفز خيالي على المزيد خارج الحلم .
– قدري أنني أحببت امرأة بهذا القدر من القوة والطفولة الجامحة لا أعرف لأيهما أنتمي تلك البريئة الساحرة الآسرة أم نصفك المختبئ تلك العنيدة المسيطرة .
– كلاهما أنا ولكل وردة شوكها بقدر جمال عبيرها،
ولكن كيف تنعتني بالمتسلطة؟
– ألا تذكرين في آخر دعوة عشاء لنا على الطاولة ماذا حدث؟
أه عندما مرت تلك الفتاة الخمرية التي أمعنت النظر إليها،فطلبت منك أن تؤدي فروض الولاء للملكة في السيارة .
– أكان عقابا بسيطا بهذا القدر؟
– كان ذنبك لا يغتفر .
– ألم أقل بأنكِ متسلطة .
-بل أنا متيمة .
– وأنا مثلك عاشق لكنكِ تريدين أن تسيطري على كل حواسي .
– هكذا هو العشق الذي أعرفه إن حرّضتُ عليك جيوشي فلتضع كل الأسلحة وسأستل سيفي لأحتل آخر قطرة دم في ذاك القلب .
– لا حيلة لي فيكِ،فالفرار منكِ أشبه بمحاولة انتحار بائسة.
-لكن قل لي لماذا لا أراك كما تراني في منامك ؟
– ربما لأن ذهني أكثر صفاءً منكِ وربما أحبك أكثر منكِ، ولكنكِ يقيناً أنتِ من تأتين إليّ .
– وربما أنت من تقتحمين عالمي وتستدعين روحي إليك .
-ليس هناك تفسير منطقي لما يحدث..قرأت عددا كبيرا من الكتب في علم الأثير وانتقال الأرواح، القرين، ولكنني حتى الآن لم أستطع أن أتحدث مع أحد عما يحدث معي .
-لن يصدقك أحدٌ ممن حولك.. سيتهموك بالجنون أو الشعوذة وكلاهما لا يليق بك.
– ربما يصدقون أنني عاشق استثنائي.
-لا مكان لهوس العشق في عالم صاخب كالذي نعيشه فلا تقرع باب عقولهم الضيقة.
-إذن أجبني أنتِ عن سؤالي.
-ربما لدي تفسير متواضع لما يحدث معك.
أسمع لا تتوقفي .
تستكمل