قراءة في كتاب “بدأتُ قديما” للكاتبة هاجر ميموني

مصطفى بوغازى

كتاب مقالات يحتوي على 34 مقالا في مواضيع تربوية تعليمية اقتصادية سياسية ثقافية توزعت على 128 صفحة من الحجم المتوسط عن دار متون للنشر والترجمة و التوزيع بوهران وسيكون حاضرا في الصالون الدولي للكتاب دورة مارس 2022، كتاب يضم مجموعة مقالات ثرية و تشمل عدة مواضيع على مختلف الأصعدة و تلم بعدة جوانب و مناسبات و شخصياتوقد قدم كتاب “بدأتُ قديما” الأستاذ والإعلامي السيد محمد يعقوبي في هذه السطور :
يعجبني في الجيل الجديد من المبدعين الشباب أنهم يسخرون من إكراهات الواقع ويتحدون حالة التهميش والإقصاء التي تطوقهم من كل جانب ويحاربون طوابير الكهول والمسنين الذين لا يزالون ينظرون الى الشباب نظرة القصر والى المواهب نظرة الوصاية والى المبدعين نظرة الشفقة !


هاجر ميموني من هؤلاء الشباب الذين فرضوا أنفسهم في عالم الكتابة والابداع وافتكوا مكانتهم بالمثابرة والإصرار. عندما بدأت هاجر كتابة سلسلة أعمدتها الإبداعية في جريدة الحوار كان أغلب الكتاب الآخرين الذين يتداولون على الاعمدة في الحوار إن لم يكن كلهم من الكهول الناضجين سنا وعمقا والذين يمتلكون من التجربة عقودا من الزمن وكانت الكتابة معهم ورفقتهم نوع من المغامرة، لكن هاجر ميموني لم تعترف بهذه الطقوس والفوارق وقررت السباحة بين تعداد من الكتاب المحترفين في كل المجالات، وكنت شخصيا أشفق عليها وعلى الجيل الجديد من مغامرات كهذه قد تقود بعضهم الى الاحباط إذا لم يمتلك ذلك النفس الطويل الذي يزاوج بين القراءة والكتابة معا، لكن هاجر ميموني ارتمت في حضن الكتابة كما لو أنها تمتلك خبرة السنوات معتمدة على نقطة قوة أساسية لديها وهي الحس الأدبي والزخم اللغوي الذي تملكه وهو سلاح أي مبدع يلج عالم الكتابة والابداع فاللغة مطواعة عند هاجر الى الدرجة التي تجعلك تبحر في جمالياتها على قدر ما فيها من بساطة وسهولة وانسيابية.
معروف أن كتابة العمود في الصحافة هو من أصعب الأنواع الصحفية على الإطلاق لأنه يتطلب قدرة على التركيز والاختزال تكون في الواقع نتيجة تراكم خبرات عديدة وهي الأشواط التي قطعتها هاجر بسرعة فائقة وتمكنت ببراعة من مفاتيح العمود الصحفي وما يسببه من إجهاد عصبي لمن يداوم عليه يوميا أو أسبوعيا.
وعندما يتعلق الأمر بالمحتوى فهاجر بارعة في اختياراتها وصانعة محتوى جيد ورسالية الى الحد الذي يجعلك تقرأ أفكارها من العناوين التي تختارها لأعمدتها فهي مشتغلة بالحقلين الثقافي والتربوي مهتمة بتفاصيل المشهد الثقافي وربما من وحي مهنتها كمربية تجد نفسها أحيانا منخرطة في منهج إصلاحي للكثير من السلوكات الاجتماعية والتعامل مع الناشئة حتى ولو برمزية روائية توازن بين العاطفة والعقل.
هاجر ميموني مشروع روائية كبيرة إذا عرفت كيف تتغلب على اكراهات الواقع وتعتنق موهبتها بكل قوة وتشتغل على نفسها في إلتهام ما تجود به المكتبات ومواقع التواصل الاجتماعي من توجهات أدبية وروائية مختلفة وجديدة تساهم في توسيع المدارك وإمتلاك المفاتيح التي تجعل من هاجر واحدة من أهم الكاتبات الواعدات في المنظور المتوسط والبعيد .. وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى