أمِّي من أنتِ؟ 

مرام عطية | سوريا

تشرَّدَ الَّليلُ في الأزقةِ كبهيمٍ يبحثُ عن قوتهِ حين نفضت عيناكِ الكرى عن أجفانِ الفجرِ وحاكتْ له ثوباً من ضياءٍ، قطعانُ الظلامِ شردتْ أمام جحافل شروقكِ، لم تجد لها مأوى سوى البراري، وأما أحزاني فقد سكنت حين بدأت تراتيلكِ السماويةُ .

أمِّي، في الثانيةِ ليلاً حجبُ السماءِ انفتحتْ ، كانت آذانُ السماء تسمعني، زارني طيفك النوراني بلا موعد في منزلنا الحبيبِ، كم تشبثتُ به ! ولكنه  تسربَ كماء نقيٍ من بين أناملي، رششتُ على البردِ قليلاً من دفءِ الذِّكرياتِ، و لوَّنتُ جناحي الغسقِ ببعض الأناشيدِ المدرسيةِ التي اكتسبت إيقاعاً فريداً حين لحنها أبي، وجلستُ على حفافي سواقي الحبِّ أشربُ قهوتي مع عينيك بصحبة فاكهةِ الشتاءِ، وأقرأُ جسدكِ البعيدَ كإنجيلٍ مقدَّسٍ وأتفحصُ في ثناياه كلُّ سورِ الحبِّ والجمال، وفي الصباحِ كما كلِّ يومٍ أحملُ روحكِ كأيقونةٍ تردُّ عنِّي الموبقاتِ .

أمِّي كيفَ تنسكبينَ كاللبنِ على شفتيَّ ، وتذوبينَ كقطعِ الشُّكولاته في فؤادي ولا أراكِ ؟!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى