لماذا وَ لِمَنْ نكتبُ ؟
محمد العياف العموش-الأردن
الكتابةُ منذ إنسانِ ما قبل التاريخ لم تكنْ تَرَفاً ، ولا زينةً مُكَمّلةً لأساسيات الحياة .
فالإنسانُ الذي تركَ نقوشَهُ وأظافرَهُ على الصّخور لم يكنْ يبحثُ عن التّرف .
لكنّ السؤاليْن المُرافقيْنِ لرحلةِ الإنسان : لماذا ولِمَنْ نكتبُ ؟
لماذا نكتبُ ؟
نكتبُ لِرَدمِ الهُوّةِ بين ما نحنُ عليهِ وبين ما كان ينبغي أنْ نكونَهُ .
نكتبُ لمَدِّ جسرٍ شفيفٍ بين الواقعِ والمَأمول ، بين الحقيقة والخيال .
الكتابةُ هي التّلويحةُ الأخيرةُ للأحلامِ قُبيلَ تَشييعها ، وهي الأمنيّةُ الأولی كي ترقدَ بسلامٍ .
نكتبُ لتغطيةِ النّدوبِ التي تركَها الواقعُ في صفحات قلوبنا .
نكتبُ لِتَجميلِ الرّتوشِ التي تركَها الزّمنُ في لوحاتِ وجوهِنا .
الكتابةُ محاولةٌ للانتقامِ من الفعلِ ( كَبَتَ ) بمخالبِ ( كَتَبَ ).
الكتابةُ حمائمُ النّوايا البيضاءُ ، تُخرجُ رأسَها بين الفينةِ والأخری من مِعطفِ أفعالِنا المتوحّشة في غابة الحياة .
الكتابةُ حديقةُ القلبِ الخلفيةُ كلّما أشهرَ المجتمعُ خناجرَ الشكِّ في وجوهنا .
والكتابةُ هي الخطايا اللذيذةُ في الظلامِ والتي لم نستطعْ ممارستَها تحتَ الضّوء.
أمّا لِمَنْ نكتبُ ؟
فنحنُ نكتبُ خيباتِنا للذين يتلّذذونَ بها ، نكتبُ انشطاراتِنا للذين يحاولون جاهدينَ تمزيقَنا .
نكتبُ لِتَبرئةِ نائبِ الفاعلِ في جملةِ : قُتِلَ العُمرُ .
نكتبُ للضميرِ المُستترِ الذي يَتَصيّدُ فضائحَنا .
نكتبُ لاولئك الذين لا بريدَ لديهم ، نشكو الذين لديهم بريدٌ لم يُعطونَنا عنوانَهُ .
نكتبُ للذين يُوَثّقونَ غيابَنا في دفترِ حضورِهم .
نكتبُ لأنّنا لا نعرفُ لماذا لا نكتبُ ؟ أو مَنِ الذينَ ينبغي أنْ نكتبَ لهم .