سياسة

السنوار على طريقة غزوة مؤتة

د. طارق حامد

استشهاد السن*وار ومن قبله القائد إسماعيل هنية واختيار خليفتيهما من بعدهما يذكرني باستشهاد القادة الثلاثة في غزوة مؤتة واختيار خليفة القائد الشهيد يشي بأنه سيكون هو الآخر شهيدا لأن الله اصطفاهم وباصطفاء الله لهم اختاروا السير في طريق الجهاد حتي غايته وهم يعلمون أنهم مشاريع شهادة ،فلما سمي النبي صلى الله عليه وسلم القادة الثلاثة لمعركة مؤتة جاء يهودي وكان جارا لعبد الله بن رواحة وقال له : يابن رواحة عندنا في التوراة إذا سمي النبي قادة الجيش قتلوا جميعا ولو سمي ألفا، تري ماذا كان يدور في نفس ابن رواحة في تلك اللحظة حينما يخبرك أحد علي وجه اليقين أنك مقتول غدا إذا ذهبت إلى هذا المكان المسمي، ماذا كان يدور في خلده وما مدي منازعة النفس وخلجاتها بعد هذا الخبر والصراع النفسي الداخلي بين تذهب أو لا تذهب، هذا هو حال قادة الأمة في غ*ز*ة بعد كل اختيار لقائد ومع كل استشهاد لهذا القائد ومع كل تسمية لقائد جديد و هو يعلم مصيره المحتوم و يسير فيه بمنتهي الشجاعة والإقدام ،نحن لا نكاد ندرك عظم الصراع النفسي داخل هذا القائد وهو يعلم أنه وهو في القيادة مستهدف مليون في المائة أكثر من كونه جنديا ،ربما يتردد قليلا كما تردد عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ولكنه لا يظهر ذلك لإغاظة العدو و لإرغام أنفه بالثبات الذي أودعه الله فيه ولكن بن رواحة رضي الله عنه أظهر لنا ذلك في شعره فلقد كان شاعراً وانظر معي حالته وموقفه وصراعه الداخلي وانتصاره علي نفسه وحسمه هذا الصراع لصالحه
بكى عبد الله بن رواحة ـ فقالوا: ما يبكيك؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا، ولا صبابة بكم، ولكني سمعت رسول الله يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [٣] (سورة مريم، الآية ٧١)، فلست أدري كيف لي بالصدور بعد الورود؟ فقال المسلمون: صحبكم الله بالسلامة، ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين غانمين، فقال عبد الله بن رواحة:

لكننـي أسـأل الرحمن مغفــرة

وضربـة ذات فرع تقذف الزبـدا

أو طعنـة بيـدي حـران مجـهزة

بحربة تنفذ الأحشـاء والكبـدا

حتى يقـال إذا مروا على جدثي

أرشـده الله مـن غـاز وقد رشـدا

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى اللواء لزيد بن حارثة وأمر بجعفر بن أبي طالب ثم عبدالله بن رواحه
في اليوم الثالث من الغزوة أستشهد الإثنان فبقي عبد الله بن رواحة فتردد في حمل اللواء ومن بعد أرغم نفسه قائلا:
أقسمت يا نفس لتنزلن

طائعة أو لتكرهنه
إن أجلب الناس وشدوا الرنه

مالي أراك تكرهين الجنه
قد طال ما قد كنت مطمئنه

هل أنت إلا نطفة في شنه
يا نفس إلا تقتلي تموتي

هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت

إن تفعلي فعلهما هديت
ولكن أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بأن بسريره ازورارا عن أسرة صاحبيه زيد بن حارثة و جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما وذلك لتردده قليلا ثم حمل اللواء ومضى يجاهد حتي أستشهد رضوان الله عليه وعلى سائر الصحابة الأبرار.
العبد الفقير طارق حامد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى