شاهد ندوة: (طفل الميزان): من روايات الحرب اليمنية للكاتب السينمائي حميد عقبي

عالم الثقافة ـ باريس
عن دار الدراويش للنشر والترجمة في ألمانيا وبلغاريا، صدرت رواية «طفل الميزان» للكاتب والمخرج السينمائي اليمني حميد عقبي ـ المقيم في فرنسا، وهذه الرواية ضمن تسع روايات أصدرها عقبي في سبعة كتب خلال هذا العام 2024.
تدور أحداث هذه الرواية في العاصمة اليمنية صنعاء خلال الحرب اليمنية، وترصد تأثيرات الحرب اليمنية الأخيرة وما تحمله من متغيرات اجتماعية وألم إنساني مفجع ومستمر من خلال شخصية الكاتب والصحافي عبدالحميد، الذي يجد نفسه مسجونا ومعاقا، يعجز عن فعل أي شيء ويقاوم مغريات متعددة لبيع ضميرة والترويج لشعارات الموت، وهذ الشخصية من أصول تهامية يعيش مع زوجته الصنعانية وأطفاله في صنعاء، هذه الزوجة التي ضحت بكل شيء من أجله ومن أجل ابنها الذي يحلم أن يكون مشروع شهيد لكي يصبح مثل طفل الميزان الفقير، الذي استشهد خلال قصف قوات تحالف دعم الشرعية لشارع قصر الرئاسة في صنعاء في عام 2018، وتضخم دعم ثقافة الموت والرعب.
ترصد الرواية علاقة الكاتب ببائعة هوى شابة (سمر)، ثقع في حبِّ الكاتب وتحكي له قصتها التراجيدية، وتبحر به إلى أماكن وحكايات غير مرئية وصنعاء السفلية أي الفقر والجوع والألم بسبب هذه الحرب العبثية.
كما تنقلنا الرواية إلى طفل ميزان في حي فقير تصدمه سيارة دورية عسكرية للنظام الذي يحكم صنعاء، حكاية حزينة لطفل من حارة فقيرة يكون ثمن حياته خروف سمين وكيس من الدقيق إلى أهله، ولا يحسب كشهيد، تناقضات متعددة لواقع يتأزم وبؤس يتضخم مع كل ساعة حرب وغياب للأمل والسلام.
رواية تميل في أسلوب كتابتها إلى أسلوب التصوير التشكيلي وتقنيات السيناريو، أحداث صغيرة ولقطات تتداخل مع مشاهد وسرد واغتراف من الأغاني والتراث الشعبي وخاصة الأغاني اليمنية التراثية اليهودية، يتداخل الواقع المعاش مع الأساطير والخرافات، اللذة والخوف، أحلام وكوابيس، ضجيج الكبار وهمسات طفولية، سينما ومسرح وفنون متعددة تتشابك لخلق لوحة إنسانية تنادي ضميرنا وروحنا وتقول هنا اليمن الموجوع بالحرب والموت والصراعات. وفي تقدمة مهمة يلخص الأكاديمي والناقد المصري منير فوزي ويقول عن رواية «طفل الميزان»: هذا نص سردي مدهش، يحاول فيه صاحبه أن يغوص في أعماق المجتمع اليمني الذي ينتمي إليه، رغم بعد المسافات؛ كاشفا ما آل إليه واقع هذا المجتمع من تناقضات طبقية بفضل الأطماع وتهافت الطبقة المتوسطة، وما انحدرت إليه أغلب شرائحه بفعل سيطرة تجار الحروب على مقدراته، واغتنامهم لجلّ موارده، حتى أنهك أبناءه الفقر والعوز، فتحول من اليمن السعيد إلى يمن آخر مغاير. يعترها د. فوزي أنها رواية حرب بأمتياز دون مبالغات أو انحياز لأي طرف من تجار الحروب والمستفيدين منها والرواية تصور اللأمرئي والبسطاء بقالب سينمائي تشويقي.
وفي ندوة نقدية جمعت العديد من النقاد العرب على منصة المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح، تعدد الطروحات النقدية ويمكن متابعة هذه الندوة على الرابط التالي: هذا ويواصل عقبي عبر منتجه الإبداعي السردي والشعري الخوض في موضوع الحروب والصراعات اليمنية منذ الخريف العربي ثم سقوط نظام الدولة وظهور ميليشيات ثم حرب تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية إلى اللحظة واليمن يعيش حالة اللاسلام وصراعات لا تنتهي وحالة من العزلة والنسيان من المجتمع الدولي، لاتزال ثقافة الموت وبهرجته تنشط وتتعاظم وفي بحث نقدي سينشر قريبًا للناقد اليمني د. حاتم الشماع والذي أخذ هذه الرواية كنموذج للحديث عن الترويج لرومانسية الموت حيث أن مصلحة تجار الحرب تستفيد من جعل الشعب اليمني محبًا للموت تحت مسمى الشهادة والتضحية بينما هم يعيشون الترف والنعيم والسلطة.
للتذكير تتوفر روايات حميد عقبي وعدد من حاليا في معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47 والذي يستمر إلى نهاية الشهر ـ القاعة 6 دار الدراويش للنشر والترجمة ـ رقم الجناح 129 وصدر لعقبي تسع روايات حديثة (طفل الميزان، الشجرة الأم، الكبش اليماني الفحل، إيريس وكتاب ياوي ـ النادلات ـ مارجريت وعبدو ثلاث روايات قصيرة جدًا)، وستتوفر قريبا رواية اللمرضة دي ورواية الجني وردان.
ولعقبي خمسة دواوين شعرية وأربع مجموعات قصصية وكتب باللغة الفرنسية، اضافة لديوان ربما الخلل في نجومنا مترجما إلى الألمانية بدعم واشراف المترجم والشاعر اللبناني د. سرجون كرم ونص مسرحي مترم للغة الايطالية وكتب متعددة بمجال النقد السينمائي والأدبي.