أشعل فتيل شوقي

إيناس رضا هلال | مصر

ما يفعله بنا الشعراء

كنت أنا بطلة قصيدته هذه، أتدرون ما الذي حدث؟!

قال لي:

دعيني أؤسس دولة عشق

تكونين أنت المليكة فيها

وأصبح أنا أعظم العاشقين.

* نعم، أنا المليكة، أنا من ملكته كله وهو الذي لا يُمتلك، نذر حروفه لهواي، فتراءت عيناه الباسمتان لي، وامتلأ قلبي بنشوة الفرح ولامست أضلعي حرارته.

ألم تسمعوه حين قال لي:

إني عشقتك واتخذت قراري

فلمن أقدم ياترى أعذاري ؟!

لا سلطة في الحب تعلو سلطتي

فالرأي رأيي والخيار خياري.

* أشعل فتيل شوقي بإصراره، وتزودتُ من لهفته وسحر بيانه، وتركتُ مكاني، وتراقصتُ بقدمي الحافيتين بين سطوره، فبادلني رقصا برقص بين ثنايا أفكاري، أخفيتُ داء الحب عنه، فاقترب من حمرة خديّ..

مهلا ..مهلا لا تقترب من نقاط ضعفي

أجاب : سمعا وطاعة، وفاجأني باختراقه نقاط قوتي وليس ضعفي.

أنصتُ لقوله:

الويل لي يا مستبدة

قسما بجرحي لن تري دمعا يسيل

سترين معنى الصبر في جسدي النحيل

أرأيت قبل اليوم عرسا للقتيل؟!

*خدعتني قدراتي، وشككت في صبره، ورامقته بكبرياء من بعيد بمقلتي اللتين يخشاهما، فلمحهما، وردّ بسهامه:

لا تقلقي يوما علي إذا حزنت

فإنني رجل الشتاء

إذا كنت مكسورا ومكتئبا ومطويا

على نفسي فإن الحزن يخترع النساء.

*سقط شعره على رأسي تلك المرة كصرير رياح تشرين وهبوب الأعاصير، عصفت بذهني الأسئلة وداهمتني الأفكار…

من ؟!

من هذه التي أقنعت عقلك؟

وإن فعلت، فهل ملأت عينك؟

وإن نجحت فهل أدفأت قلبك وامتلكت خيالك؟!

لا أظن، إنه فقط الغضب..

فاغضب كما تشاء

حطم أواني الزهر والمرايا

هدد بحب امرأة سوايا

فأنت كالأطفال يا حبيبي

فلولا الموج ماتكونت بحور.

لقد غرتُ عليه وثرت أيضا، أحبَ ثورتي، واستلذ بغيرتي التي أشبعت غروره الملوكي، ووسط صمته الأنيق تأملت لغة جسده ؛غصت ببوح عينيه وأمعنت النظر في ابتسامة شفتيه، فوجدتني القصيدة المفضلة لديه بينهما.

ارتبك قليلا وأدار وجهه، ولم يتحمل سطوتي على مشاعره وهدهدتي له، وتساءل:

لماذا أنتِ؟

لماذا أنتِ وحدك؟

من دون جميع النساء

تغيرين هندسة حياتي

وإيقاع أيامي ، وتتسللين حافية

إلى عالم شؤوني الصغيرة

وتقفلين وراءك الباب

ولا أعترض.

*لم أجب، فقد كُشف فطنتي، فقط ..سقطتُ كورقة خريف على غلاف ديوانه بعدما فرغت من قراءته ..

هوامش:

أبيات الشعر للشاعر نزار قباني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى