كما جاءونا هم يمضون

د. عز الدين أبو ميرز | أديب فلسطيني

فِي العَادَةِ أحلُمُ وقليلٌ
مِن حُلُمِي يَتَحَقّقُ فِعلَا
لَكِنّي اليَومَ أنَا وَحدِي
أتَوسّدُ فِي يَافَا الرّمْلَا
كَم أعشَقُ هَذَا البَحرَ،
وَأكرَهُهُ فِي ذَاتِ الوَقتْ
لَكِنّ اللّحظَةَ هَذَا اليَومَ،
قَدِ اختَلَفَتْ
وَحَقِيقَةُ أنّا أهلُ الأرضِ
وَأنَّ عُرَانَا لَا تَنبَتّْ
وَسَنبْقَى نَحنُ هُنَا الأعلَى
وَبأنّا نَجترِحُ الأمَلَا
كَيْ يُصبِحَ فِي اللّحظَةِ فِعلَا
وَلِذا أُقسِمُ أنّي اليَومَ سَمِعتْ
وَبصِدقِ يَقِيني هَذَا الصَّوتْ
وَأنَا أتَخَيّلُ مَوجَ البَحرِ،
مَرَاكِبَ كَحَوامِلَ شَاهَتْ
وَتُسَاقِطُ مِن فَمِهَا الحِمْلَا
قَيئًا يَتَنَاثَرُ مِنهُ لُصُوصُ الأرضِ،
بُذورًا مَا جَاءَتْ إلّا
كَيْ تُنبِتَ فِي الأرضِ الغِلَّا
مٍن دَمِنَا تُشْبِعُ شَهْوَتَهَا
وَبُطُونَ أمَانِيهَا تَمْلَا
مِن كُلِّ بِقَاعِ الأرضِ أتَوْا
وَغَزَوْا سَاحِلَنَا وَالسّهلَا
وَاسْتَشرَى الشّرُّ بِهِمْ وَمَضَى
مَا حَيثُ هُمُ حَلُّوا حَلَّا
مِثلَ السّرَطَانِ قَدِ انتَشَرُوا
مًا أبقَوْا جَبَلًا أو تَلَّا
عَاثُوا فِي كُلَّ فِلسطينَ
وَمَا تَرَكُوا خِصبًا أوْ مَحلَا
وَالكُلُّ يَمُدُّهُمُ مَدَّا
بِجُنُونِ مَنِ افتَقَدَ العَقلَا
حَتَّى زُعَمَاءُ عُروبَتِنَا
لَا أدرِي جُبنًا أمْ جَهْلَا
سَارُوا فِي الرّكْبِ فَمَا أبْقَوْا
لِلنّخوَةِ وَالشَرَفِ مَحَلَّا
إلّانَا نَحنُ الشَّعبَ هُنَا
كَالشَّوكِ بِحَلقِهِمُ انْشَتَلَا
وَإذَا بَالصُّورَةِ قَد قُلِبَتْ
وَالصَّوتُ بِكُلِّ الشَّطِّ عَلَا
وَإذَا بٍي أقْفِزُ مُنتَصِبًا
وَالنّفسُ تُسَائِلُنِي عَجْلَى
هَْل حَقًا مَا أسمَعُ وَأرَى
أمْ مَحض خَيَالٍ يَتَجَلَّى
هَلْ عُدتَ لِتَحلُمَ يَا هَذَا
فأجَبْتُ وَرَبِّكِ ..لَا ..لَا ..لَا..
وَأقُولُ لِمَا تُبْصِرُهُ العَيْنُ

بَلَى… وَاللهِ بَلَى
فَالسُّفُنُ عَلَى مَرآى نَظَرِي
أُبصِرُهَا تَحمِلُ مَن جَاءُوا
وَتَعُودُ بِهِمْ رَتلًا رَتلَا
وَكَمَا جَاءُونَا هُمْ يَمْضُونَ،
فَهَذِي أرضِي تَلفِظُهُمْ
تَنفِي الخَبَثَ كَمَا عَنهَا
مِن قَبْلُ نَفَتْ
مَنْ أنْكَرَنا
وَستنفي من يزعُمُ أنّا
لسنا لِفِلِسطِينَ الأهْلَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى