استعمالات ( ضمير القصة والشأن ) في القرآن

طاهر العلواني | كاتب إسلامي

اعلم – رزقكَ اللهُ الفهمَ، وأرشدكَ إلى حسنِ التدبُّرِ – أن ضميرَ الشأنِ نمطٌ غريبٌ من أنماطِ العربيةِ، قد أُفرغَ عليه من أصباغِ البلاغةِ ما يثيرُ كوامنَ الطبع ويبعثُ الشيم الصحيحةَ على حسنِ الفهم وسعة التدبُّرِ؛ فإنَّه ما من ضميرٍ في الكلام إلا وقد تقدَّمَ له ذكرٌ صريح، وتلك جبلّة ثابتةٌ له لا تتخلف إلا قليلا، إلا ضميرَ الشأن، فليس له ذكرٌ يسبقُ في النظم؛ من حيث إنَّه عبارةٌ عمّا سبقَ ذكرُه تلخيصٌ لما تقدم، ومن ههنا سمي ضمير القصة والشأن والأمر.

وانظر إن شئت إلى قوله تعالى “فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب”، تقف على حقيقته؛ إلا ترى أنه سبحانه افتتح السورة بالأمر بالتقوى، ثم عللها بشدة أمر الساعة، ثم عقبها بتمثيل ما بين خلقنا وإحياء الأرض، ثم بحال الذين يعبدونه على شكّ، ثم ما زال الحديث عن الذين يرون الآيات ثم ينكرونها، ومنهم قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم، ثم ختم جميع ذلك بقوله “فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”؛ كأنه قيل: إنَّ جملة القصة الآنف ذكرها أن الأبصار لا تعمى ولكن القلوب هي التي تعمى.

ومثله “إنه لا يفلح الكافرون”، ففي سورة المؤمنون أحوال الكافرين وما جرى لأنبياء الله منهم، وما لحق هؤلاء الكافرين من العذاب المهين في الدنيا والآخرة، ختم هذا كله بقوله” إنه لا يفلح الكافرون”، أي جماع هذا الشأن وما رأيتموه في السورة ملخّصه (إن الكافر لا يفلح).

ومن أجل ذلك لم يكن له دخولٌ في الكلام إلا لأمر عظيم كما قال الإمام عبد القاهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى