قوالب للرؤوس

الكاتبة ربا شعبان | فلسطين

القوالب …

“سأسلم السيارة بعد قليل ما زال الوقت مبكرا ربما لا بأس بتوصيلة ثانية “
همست لنفسي :”نحن سائقو التاكسي حياتنا متعبة ..
ولكن لااا ..ليس من أمام الملهى في هذا الوقت المتأخر ..أووف أتمنى أن لا يكون سكرانا “
رجل أربعيني غامض الهيئة ..يلقي السلام بصوت هادئ:
-مسا الخير
-مسا النور
-إلى أين ؟
– البلدة القديمة
-“الحمد لله لا يبدو ثملا ” تنهدت بارتياح
-يجب أن أصحو مبكرا على الدوام غدا “ينظر لساعته ”
-ماذا تشتغل يا سيدي؟
-أعمل في مصنع للقوالب
-القوالب؟.. قوالب ماذا؟
-قوالب للرؤوس …
-“يا إلهي يبدو ثملا ..ما هذا الحظ..!! ” همست لنفسي متأففا
-اعذرني إن لم أفهم
-أصنع قوالب جاهزة للرؤوس
قلت مسايرا وقد تأكدت من أن زبون آخر الليل قد أثقلت رأسه الخمر :
وهل للرؤوس مقاس واحد؟
-لمعظم الرؤوس قالب واحد ولكن بعض الرؤوس تغافلنا وتكبر أكثر بقليل فنضع لها قوالب أكبر المهم أن يكون لكل رأس قالب ..
-وماذا لورفضت بعض الرؤوس ؟؟
تنهد الرجل الغامض : ربما لا تريد أن تعرف الجواب..
قلت مسايرا : وهل هو عمل مربح ؟
-نعم يدفعون كثيرا
– لا بد أنك ثري الآن
-لا فقد بدأت أرباحنا تتراجع في الأيام الأخيرة
-لماذا؟
-تعرف هناك شركات منافسة تصنع قوالب أكثر حداثة وعلى الموضة أصبح العالم منفتحا أكثر ولكنها تبقى قوالب…
-وهل أنت سعيد بعملك؟
-“تنهد بحرقة “: لقد قدمت استقالتي مرارا
-من يرفض استقالتك يا سيدي ؟ أصحاب مصنع القوالب ؟
كان صوته يسقط في بئر من المرارة وهو يقول:
-لا يا صديقي …لا …
الزبائن أصحاب الرؤوس إنهم لا يستطيعون العيش برؤوس بلا قوالب ..!!

ربا شعبان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى