رجال الأمن الإسرائيلي والأمريكي يقتلون أبرياء بدم بارد!!

المحامي إبراهيم شعبان | فلسطين

اهتزت الإنسانية وذرفت الدمع لموت رجلين بريئين على يد رجال شرطة أوكل لها مهمة الدفاع عن أمن الأفراد وحمايتهم من كل سوء أو اعتداء. فإذا برجال الشرطة يصبحون العدو الأول للإنسانية، ويتخلون عن مهمتهم الإنسانية ويتخلقون بخلق الوحوش الضارية، ناكثين عهود الشرف والإستقامة. كان احدهما فلسطيني في عمر الزهور، يعاني من سلوك خاص يسمى بالتوحد، يقتضي عناية ورعاية خاصة فوق المعتاد. لاحقه رجل أمن ساع لترقية عاجلة من على سفك دم بريء متوحد. ورغم إصابته ونزفه، وعجزه عن المتابعة واحتمائه بغرفة القمامة وبمعلمته، لكن ذلك لم يشفع له من شفي غليل شرطي مريض حاقد الذي أطلق عليه رصاصات قاتلة أودت بحياته الوادعة البريئة. الآخر أمريكي، بعيد في بلاد العم سام، لونه اسود خلقا لا يد له فيه ولا يملك له تبديلا، فرغم إنسانيته وأخلاقه الرفيعة لهذا الأسود، ورغم صرخاته بالنجدة والإستغاثة بعدم القدرة على التنفس، بقيت ركبة رجال الأمن ضاغطة على عنقه حتى فاضت روحه إلى بارئها. فكانت شرارة أقامت أمريكا والعالم ولم تقعده بعد. وبالمقابل، هناك حق أساسي طبيعي إلهي بدهي عالمي يسود جميع الدول والأماكن، هو الحق في الحياة وسلامة الجسد لكل إنسان بغض النظر عن لونه أو دينه أو جنسه أو مولده أو لغته أو اصله الإجتماعي أو أي اعتبار آخر. وهذا الحق كفلته المواثيق الدولية والدساتير والقوانين والأعراف والأخلاق. ويجب أن تكفل الدول وشرطتها ورجال أمنها هذا الحق، وترعاه وتحميه من أي اختراق. صحيح أن الدول تتباين أوضاعها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ودرجة رقيها وحضارتها حتى مناخها، ولا جدل أن هناك عبئا ثقيلا ملقى على عاتق السلطة التنفيذية بأذرعها الأمنية المختلفة، يتلخص في تحقيق الأمن والإستقرار والنظام العام في المجتمع. لكن استعمال القوة المسلحة والقوة النارية يجب ان لا يلجأ إليها إلا بعد استنفاذ جميع الوسائل البديلة لشل إرادة وقدرة الشخص المهاجم أو محل الشك. ومن هنا يجب ان يسود تنظيم قانوني لتنازع الحق في الحياة الإنساني مع مهمة الشرطة في حفظ النظام والقانون والأمن. تكمن المشكلة دائما وابدا في رعونة رجال الشرطة، وغرورهم بما يملكون من سلاح ومقذوفات جاهزة للإنطلاق في وجه أبرياء، وإساءة استعمال اسلحتهم النارية أو ما يشبهها وحتى قوتهم الجسدية، واستغلالهم خوف المواطن من الشرطة وامتناعه عن إبداء التعاون معها، وجهل المواطن لحقوقه القانونية في وجه من يفترض أنهم من يرفعون شعار سيادة القانون، وجهل بعض رجال الشرطة في الواجبات الملقاة على عاتقهم، وقلة تدريبهم وتثقيفهم وعقد الندوات لبيان حق الناس في الحياة، وعدم التخاذ إجراءات مناسبة أو صارمة بحقهم إذا ما خرقوا حق إنسان في الحياة وعدم التهاون معهم. بعد الإحتلال الإسرائيلي في عام 1967، درج الإسرائيليون على القول والتصريح على التحريض على الدم الفلسطيني والإيغال فيه. فحتى هذا الوزير المثلي الليكودي ” أمير روحانا ” كان قد صرح أن ” دم المهاجم في رأسه ” كناية عن قتله والتحريض على قتله بدم بارد. بل القول بشكل مباشر أو غير مباشر لأفراد أجهزة الأمن الإسرائيلية أقتلوا من تشاءوا من الفلسطينيين الذين يهاجونكم بأي سلاح، وبأية أداة، فدمهم في رؤوسهم، وأنا سأتولى الدفاع عنكم وعدم تقديمكم للمحاكمة أيا كان وضعكم. وهذا شجع رجال الأمن الإسرائيليين على اختلاف صفاتهم من شرطة أو حرس حدود أو مخابرات وحتى رجال أمن خاصين على قتل الفسطينيين بدم بارد، وكأنهم ليسوا بشرا يستحقون الحياة الكريمة. وتعزف أجهزة الأمن الإسرائيلية على تلك المعزوفة المخروقة وتدلي دائما وأبدا ببيان فحواه واحدة ولكن مفرداته مختلفة. فهي تزعم باستمرار، وليس هناك من يكذبها، فهي وحيدة في الرواية والسرد، إلا إذا كان فلم أو فيديو يروي الأمر بشكل مختلف، تزعم أن أحداثا خطيرة وقعت وأن حياة رجال الجيش أو الشرطة تعرضت للخطر، فأطلقوا الرصاص على المعتدين أو المتظاهرين مما أدى لمقتل شخص او اشخاص. وحتى تكتمل الرواية وتذر الرماد في العيون ، وتجمل الرواية بمساحيق ما كس فاكتور للتجميل، يعلن الناطق بالجيش أو الشرطة، أن تحقيقا قد فتح في الحادث، أو سيفتح، أو أن الموضوع قيد الدرس، أو أن الجهات المعنية باشرت بدراسة الموضوع ، أو أنه يفحص الأوراق، أو أن الجيش أو الشرطة لا تستطيع التحقيق لعدم تقديم شكوى بالحادث، أو أن الجيش أو الشرطة ما زالت تجمع المعلومات عن الحادث. وأحيانا أخرى يتم التعتيم على الحدث، أو يتأخر النشر عنه، أو يستعمل الرقيب العسكري مقصه ليزيل الخبر من الوجود، أو تغلق المنطقة عسكريا حتى تزيل أي اثر للحادث، وحتى تمنع دخول الصحافيين إليها، ونقل تفاصيل الخبر. وبعد هذه الأحاديث المعسولة المخادعة، والتي هي للإستهلاك المحلي، يتولى جهاز خاص بالشرطة التحقيق في الحادث إن وجد أن هناك أساسا معقولا لإجراء التحقيق، وغالبا لا يجد أجهزة التحقيق أساسا مقبولا لإجراء التحقيق ويغلق الملف. وإن وجدت أساسا من وجهة نظرها فالأمر سيستغرق سنوات عجافا، وأسئلة برلمانية في الكنيست. وينتهي الأمر في حالات قليلة بتسريح الجندي أو الضابط أو تخفيض رتبته أو حل الوحدة العسكرية أو محاكمة تأديبية. أو محاكمة صورية مثل مقتل المرحوم عبد الرحمن الشريف وهو ملقى دون حراك على الأرض في الخليل عام 2016 على يد الجندي المتعصب إيلور عزاريا خوفا من المحكمة الجنائية الدولية. محاكمات صورية، وأجهزة تحقيق صورية، تقودها أيد بعيدة عن العدالة ومشتقاتها. فمنذ متى يحقق القاتل مع نفسه، واية عدالة مرجوة من مغتصب يحقق مع نفسه، الشرطة والأمن الإسرائيليان يحققان مع أنفسيهما. وبكل صفاقة تعلن الأجهزة الأمنيةالإسرائيلية عن ذلك، وعلينا تصديق تلك المقولة العفنة ، أولسنا أمام الجيش والأمن الأكثر مصداقية واستقامة وأخلاقا في العالم أجمع!!! جيش وشرطة ترفض دفن الجثث وتسرق أعضائها وتقيم مقابر أرقام وكأنهم لم يتعلموا من النازية واندثارها. ويجب أن تلقن أجهزة الأمن الإسرائيلية وتدرب ‘لى ألف باء حقوق الإنسان. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، لا يبدو الأمر بعيدا عما يحدث في فلسطين، جهاز شرطي مبني على القسوة المتناهية مع المدنيين وبخاصة السود. ويبدو أن كل أسود مشتبه حتى تثبت إدانته ، بعد تعرضه لإهانات وتحقيقات . يكفي ان نعلم عن النسب العالية بين الأمريكيين الأفارقة الذين يعدمون وفق ما تنشره أمنستي- منظمة العفو الدولية. وما زالت الطائفة الأفريقية الأمريكية تدفع ثمنا عاليا من حياة أبنائها لتمييز عنصري بغيض. وبعد هذه الإحتجاجات التي قد تطال رأس ترامب، يجب تغيير منهجية عمل رجال الشرطة الأمريكية، وأن تلقن أبجديات حقوق الإنسان. ولا يجوز استخدام القوة النارية أو القوة المسلحة إالتي هي أبرز أشكال استعمال القوة المسلحة، إلا في حالة الضرورة القصوى ولأغراض مشروعة ولإنفاذ القانون. ويجب استخدام وسائل غير عنيفة مثل المخاطبة بصوت مرتفع أو التحذير بلغة يفهمها،أو استعمال الغاز المسيل للدموع، وحتى استعمال الطلقات المطاطية للجزء السفلي من الجسد وحتى إطلاق النار الحية في الهواء، قبل اللجوء إلى القوة الحية واستخدامها.فمهما كانت خطورة المدني إلا أن الأمني بتدريباته واستعداده يتفوق على المدني، لذا إذا ما تقرر استخدام القوة فيجب أن يكون ذلك تدريجيا، ولا بد من وسائل بديلة تسبق استخدام القوة المسلحة أو النارية. ويجب ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في استخدام القوة وأن تقلل الأضرار إلى أقل قدر ممكن. وأن لا تستعمل الأسلحة النارية إلا للدفاع عن النفس أو أو للدفاع الحقيقي أو لدفع خطر محدق بالموت أو بإصابة خطيرة. بل وحينما تكون الوسائل الأخرى غير كافية أو غير فعالة. والشعار الذي يجب أن ترفعه الشرطة والجيش أن الحق في الحياة هو الأقدس والأهم. الحق في الحياة حق أصيل وطبيعي وإلهي، لا يجوز انتزاعه من قبل رجل أمن إسرائيلي أو أمريكي. بل ليس لهما الحق في استعمال القوة المسلحة والنارية بل عليهم أن يلجئوا لخيارات بديلة فعالة وناجعة. وعلى دوائر الشرطة والجيش الإسرائيلي والأمريكي عقد الدورات والندوات والتدريبات واستخدام المهارات على احترام الحق في الحياة بشكل خاص، وحقوق الإنسان بشكل عام. ” ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ” الإسراء 33. ” من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ” المائدة 32. ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ” النساء 93.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى