البيت القديم
عبد الغني المخلافي | اليمن
ضجت الذكريات بي عند زيارتي لبيت جدي المطل على الجهات الأربع – للقرية.البيت الذي شهد ترعرع مراحل عمري الأولى.
غرفة “الزنك” ونومي تحت سقفها وقراءاتي المحمومة في “الدكة” الواسعة على الفناء المقابل لواجهة الجبل واللعب مع أخي ومقاسمته منذ لحظة الولادة اليتم والمضي – خطوة بخطوة – على الألم والفرح .
وقياسي – بطول باب المسجد الصغير – قامتي النحيلة. وجيران وأقارب من كبار وشباب وصغار. وذلك الطفل الحالم المتأمل قرص الشمس المنحدر ساعة أفوله. والسحب الكثيفة بأشكال ورسومات مختلفة. وتربيته للحمام ومراقبة غزله وسفاده عند الغروب وحيوانات أليفة وجبلية اعتاد القبض على أنواعها وترويضها بحب وشغف.
جدي في ساحة المسجد وحلقة طلابه من حفظة القرآن ومكوثه منذ العصر حتى العشاء .وعودته إلى محرابه المصحوب- ليله بالتسبيح والمناجاة والقص من جدتي ونساء يجتمعنَ في مثل سنها للمسامرة والتندر للترفيه- لم يكن – ثمة وسيلة أخرى غير التلفاز – في بداية ظهوره – وعند الجميع – لا يتوفر .
منظر ظهور القمر المهيب من خلال الوهاد والجبال المتاخمة .
الشجرة الوارفة، عند الظيهرة والجلوس إلى الظل البارد، و النسائم .
قن الدجاج المبني من الطين. العامر بالصيصان والبيض والفراخ الكثيرة .
وإطعامي منها خفية كلبي الصديق الوفي و عقابي الشديد – عند انكشافي .وبقائي حتى الخامسة عشرة في كنف جدي وجدتي وذهابي إلى المدينة وخوضي غمار الحياة.
وانجلاط جدتي في سن متقدمة تنقلت بعدها ما بين بناتها الثلاث للعناية والتمريض . وقعود جدي المعمّر عن الحركه ومرضه ثم موته والتحاق جدتي – بعد سنة كاملة إلى جواره وتعاقب كل من كان في نفس العمر أو أقل .