قراءة في رواية مورفين أحمر للكاتبة مجدولين الجرماني
وليدة محمد عنتابي| ناقدة من سوريا
(الجسد والروح في متلازمة الفناء والخلود)
بين الأسطورة والواقع يتشكل بعد آخر للأحداث في مسرودة، تسير على رؤوس أصابعها فوق رمال متحركة، لتزجنا معها في مشاهد مختلفة ، تخترق أفق المسكوت والمكبوت ، محيلة أوراقها الزاجلة إلى مفتي النص ، ليطلق حكما معلقا على سارية الوقت .
حين أطلق عنوان الرواية شهقة التعجب من شفاه الصدمة، تناثرات قطرات الجمر على جليد المألوف والمعتاد، فاتسعت حدقات الذهول في محاجر اللغة، وقامت قائمة الأفعال تفند مااستهلك من اقوال معيدة إنتاج ذاتها، في محاولة تثبيت آخر لما ما ند عن المثول والامتثال.
يكسر الجسد أفق الراهن في انطلاقه المحتوم بين منعطفين : (التناهي في العدم أو التماهي في المطلق) .
تتسيد شخصية شام البطلة الرئيسة في الرواية على واقع محكوم باستلاب الأنثى وتجريدها من أهم مايميز الموجود البشري ألا وهو الإنسانية .
من خلال معاناة شخصية للساردة تتمحور أحداث الرواية على استقطاب نماذج من النسوة اللواتي لجأن للعلاج النفسي والروحي لدى البطلة ، كونها تعمل في مجال العلاج بالطاقة، حيث لدى كل واحدة منهن ما يخص الجنس بطابعه الإيروتيكي، وبما يكبله مقيدا روحه من هيمنة ذكورية تسعى إلى تشييئ الأنثى واستلابها. وبالتالي تجاوزها كسلعة مستهلكة لا تصلح للتدوير .
استطاعت الكاتبة التي تقف خلف الساردة أن تتجاوز بكل شخصية من شخصيات رواياتها تجربتها مع الزوج وتنحو منحا سليما معافى في تعويض مجز لكرامتها كأنثى ومنصف لإنسانيتها التي خرجت من مضيق الجسد إلى فضاء الروح في رحلة الحواس، وقد حققت موازنة عادلة بين الممكن والمحتمل .
تحتاج الرواية إلى أكثر من قراءة، فما تقوله للقارئ من الكثافة والعمق يضرب عنق التأويل بسيف المفارقة .
سرد مأهول بكائنات أسطورية تقابلها شخصيات الرواية في موازاة ومشابهة ملفتة؛ هي في مسيرتها النامية في اتجاه النور ، تنداح متماهية في مسارت كونية لوجود آيل للخلود .
تتخلل الرواية مواقف ومشاهد معاصرة من صميم واقع راهن، ينقلب على جمر قلقه في مسغبة استهلاك لا إشباع لها .
ذلك الواقع المنهك والخارج من حرب استنزافية اعتصرت منه ماء حياته لترميه محاصرا يستجدي سد الرمق في حصار الروح والجسد وكل ما يحول بينه و بين لقمة العيش .
تغزل الراوية برد روايتها بمغزل أنيق رشيق ، يشد الحبكة خيطا فخيطا حتى تلتحم السدى وتنتظم العرى فينسدل النسيج هفهافا لدنا شفيفا قشيبا يسر العين ويطرب الحواس وينشي الذائقة .
لن أكشف أوراق الرواية بموجز عن أحداثها، فأفقد القارئ متعة احتيازها رهينة ذائقته ليطلق حكمه هو ويبث رؤيته من خلال قراءته الشخصية ، دون أحكام مسبقة .
ماجدولين الجرماني :أم وربة أسرة
شهادتها العلمية مساعدة مهندس وتدرس الإعلام في الجامعة
لديها مركزها الخاص للمعالجة بالطاقة ، حيث
تقوم باعطاء دورات ومحاضرات في التنمية البشرية وهي مدربة تنمية بشرية في جمعية الشباب الوطنية للتنمية عملت بشكل طوعي مع الكثير من الجمعيات الخيرية خاصة في فترة الحرب وما بعدها للعمل على تجاوز المحنة تكتب في العديد من المواقع المعروفة والجرائد والمجلات الورقية كجريد البناء اللبنانية وجريدة كواليس الجزائرية وصدى مصر و الثقافية العمانية وكذلك الوحدة بسورية. ولها أنشطة ومنشورات في دوريات مختلفة بأغلب الدول العربية والأوروبية مديرة مكتب المرأة في الأمانة العامة . نشر لها مجموعة شعرية بعنوان : ويزهر من أكمامه الدراق . وروايتها الحالية : مورفين أحمر كما أنها تعد رواية ثانية سترى النور قريبا باذن الله .تقول ماجدولين عن روايتها :
أريد أن أقول بأن الله عز وجل خلقنا من نوره ونحن كائنات روحية قبل أن تكون مادية وأجسادنا هي مركبة مقدسة وجدت لإكمال رحلتنا على هذه الأرض فعلينا المحافظة عليها و معرفة أنفسنا جيدا ونحن نستحق الحياة والنجاح مهما بلغت المصاعب والعقبات وأردت القول بأن هناك قوى كونية عليا مهما بلغت قوة الشر سينتصر الخير في النهاية والأهم بأن الأسطورة نحن من اخترعناها ونستمر بتكبيرها أو تعريتها و إظهار الحقيقة المطلقة التي هي النور والمعرفة والوعي .