حصالة الأحلام
سوسن صالحة أحمد | سوريا – كندا
حصالة الأحلام ..كم هي واسعة ، وكم هو مداها بعيد تأخذك إلى حيث روحك تعبث بالزمان وتهزأ من المكان ، تختصر الكون في لحظة منها ،تأتي على كل ما انطوى في جنبات نفسك ، منذ بدأتَ تحلم ، منذ بدأتَ ترى الحياة عالمك ، عالمك وحدك ، حتى لو كنت بين الجموع .
إنها تحقق لك ذلك الباذخ من الوجود في روحك ، تأخذ بقلبك إلى حيث يحب ويشتهي ، تغرق في لحظة ابتعادٍ عن المر من العمر ،عن لحظةٍ تشربت باليأس، تستعيرُ قلباً هارباً من الألم ، تغمضُ عينيكَ عليها ، تخشى الضوءَ يبددها ، يختلطُ وجودها ببعضٍ من مزجٍ ترومه ، فتمسكُ الوقتَ مترجياً آلة الزمن أن تقف هنا ، على عتبةِ هذا الذي أضناكَ العثورُ عليه .
تتردد مابين إحساسٍ وآخر ، لاتميز الصدقَ بينهما ، كلاهما إحساسك وحدك ،لحظات ما قبله ، ولحظاتٌ مع ذاكَ الذي تسميه حلمك ، وحلم إثرَ آخر ، تصير إنسانا يمتلك رصيداً كبيراً وغريباً من الأحلام ، لا تدري وحالكَ هذه في أي بنكٍ للعمر تودعه ، وأي ثواني الحياة ، ستحافظُ لكَ عليه ، وقد دأبتَ العمر في صنعه وتجميعه ، كلما رمى لك خيالك الخصيب ، حلما بعد آخر ، في ترادف جفافك .
لَعَلَّكَ الآن ، تغالب دمعةً أتت على قلبك بعد ما نزلت من عينيك ، حين تدركُ حجمَ ماجمعت ، وما زلتَ تجمع ، متأملا بصرفٍ يشتري فرحك ، غيمة تمطر أرضك البكر ، التي خبأتها لما يستحق ترابها ونعناعها وياسميها وأقحوانها وقمحها ، ذلك القمح المبرعم الذي يأتي على عجاف النوال ، يعيد بقميص التحقق النظر لعين وجودٍ لم يرَكَ، تذر جمعك في مخبئه ، مؤونة .
تحتضن نفسك بكلتا يديك ، في لحظة وأنت لاتزال مغمض العينين خائفا من النور تقولُ لكَ : أحبك ، لن أتخلى عنك ، سأكون لك كل ما طلبتني ، ستجدني نعم الصديق ، ونعم المحب ، ستهدئُ من قلقك ، وتربت على كتفك .
ستعانقك ، وتقبلك من جبينك ، تمسح على شعرك مرات ، وتقول : لاعليك
غدا سيكون يوما آخر أجمل .
يرن في أذنيكَ جرسُ المنبه ..
إنه الصباح ، كل ماينبغي عليكَ فعله ، أن تنهض من سريرك ، تفتح عينيك المغمضتين على الأحلام ، لتخرج وتعيش نهارا ككل نهار ، يوما ككل الأيام ولاتنسى قبل الخروج ، أن تضع حلم الليلة الفائتة ، في حصالة الأحلام .
/ محو .. سوسن صالحة أحمد /