تفاوت الأرزاق و حكمة ربك

الكاتب والاديب محمد السيد السّكي
اياك ان تنخدع بزيف يلقيه الشيطان واتباعه في نفسك فتحسب ان رزقك هو نتيجة سعيك وكدك وعملك وهو نتيجة حتمية لمجهودك.
فالله قسم الأرزاق وجعلها متفاوتة بين البشر فمنهم من أخذ زيادة في المال ومنهم من أخذها في القوة او الذكاء… الخ
“أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍۢ دَرَجَٰتٍۢ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ”. سورة (الزخرف)
اياك ان تظن ان التضييق في رزقك ايا كان نوعه هو مهانة لك ولا يحسب من اعطي من خيرات الدنيا وزينتها من فصاحة وولد ومال وكنوز وعبقرية وحسن و طيب معشر و سعة صدر و سرعة هروب نفسي من ضيق الدنيا انه نال الخير وان الله أكرمه.
الغبي الأحمق هو من يتصور ذلك لان الله العطاء ليس بمكرمة والتضييق والمنع ليس بمهانة وإنما هو اختبار لكي نعرف من يحنو ويطعم المسكين ومن يصبر و لا يصبح مجرما يسرق مؤونة من رزقه الله بالمال و حسن التدبير.
إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ (14) فَأَمَّا ٱلۡإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ (15) وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ (16) كَلَّاۖ بَل لَّا تُكۡرِمُونَ ٱلۡيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَٰٓضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ (18) وَتَأۡكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكۡلٗا لَّمّٗا (19) وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا (20) سورة (الفجر)
المنع والعطاء والتفاوت في الأرزاق فتنة واختبار و سبب حسرة وندامة او حظوة وقربي من الرحمن فاصبر وكن بصيرا.
“وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾
[ سورة الفرقان: 20]
لن تجد احدا اخذ كل شئ ولن تجدا غنيا او رياضيا ماهرا او اديبا او فنانا يظل في الصدارة دائما فهي جولات و اختبارات الهية في المقام الأول.
انت مأمور بالسعي و اتعاب الذهن والجسد بمقدار طاقتك التي أودعها الله فيك و لا تنتظر النتيجة.
لان الله يحاسبك على السعي لا النتيجة
“وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعۡيَهُۥ سَوۡفَ يُرَىٰ (40) ثُمَّ يُجۡزَىٰهُ ٱلۡجَزَآءَ ٱلۡأَوۡفَىٰ (41) وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلۡمُنتَهَىٰ (42) وَأَنَّهُۥ هُوَ أَضۡحَكَ وَأَبۡكَىٰ (43) وَأَنَّهُۥ هُوَ أَمَاتَ وَأَحۡيَا (44) وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ (45) مِن نُّطۡفَةٍ إِذَا تُمۡنَىٰ (46) وَأَنَّ عَلَيۡهِ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰ (47) وَأَنَّهُۥ هُوَ أَغۡنَىٰ وَأَقۡنَىٰ (48) وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعۡرَىٰ (49). سورة (النجم)
فضحكك وبكاك مقدر و يحمل جينومك معلومات مستقبلك منذ كنت جنينا.
فكما ترث اباك في ماله ترثه في مرضه وما تأخذه منه من مادة وراثية تشفر لون عينيك و مقدار ذكائك… الخ
لا تنظر بضجر وسخط للفقير و لا تحسب ان ذكاءك هو الذي جعلك تتفوق عليه وإنما الذي تسبب في ذلك هو عطاء الله لك.
و لتعلم أن محدودية الموارد و التنافسية تقتضي فائز وخاسر فكونك اصبحث ثريا هي متلازمة منطقية لعدم حصول غيرك علي بعض الموارد فاحمد ربك انه سبب لك القدرة على الفوز في مضمار السباق الدنيوي.
واحسن كما احسن الله إليك ولا تكن مثل قارون.
ايه المتخذلق الذي يحسب ان كده واجتهاد وذكاءه قاده الي مكانته وحصيله أمواله ومغانمه انظر إلى قارون ولماذا خسف به الله وبداره الارض ان كنت تؤمن بالقرآن.
لم يكن جرم قارون سوى انه كان قتورا مغرورا نسي حكمة الله البالغة من المنع والعطاء والتفاوت.
في لحظة واحدة قد تصير مجنونا او يضيع كل مالك او تفقدين جمالك و مفاتنك وانوثتك.
ستجد دائما أن الإنسان ناقص مهما نال من العطاء الإلهي
وستجده انه رحمة الله نالته مهما تجرد من الزينة الدنيوية.
اينشتاين عجز ان يقتنع بافكار نيلز بور و افكاره عن نظرية الكم.
دائما ستجد التفاوت و التمحيص و المنع والعطاء.
لا تقول للفقير انك محرم عليك الإنجاب لانك كتبت على نفسك حالك و عسرتك المالية ولا تقول لفقير لو شاء الله لاغناك واعطاك وكن حكيما رشيدا و انزع عنك الغباء قبل ان ينزع الله عنك ستره ويظهر فيك بأسه.
“وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنُطۡعِمُ مَن لَّوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطۡعَمَهُۥٓ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ ﴿47﴾. سورة يس
اجتهد واعلم جيدا ان الحياة الدنيا متاع وان الاخره هي دا القرار و اننا غير مخلدون وان لحظة رضا من الله تنسيك كل شقاء و لحظة غضب تنسيك كل نعيم.
يامن تقول بظنك وشكك ان الدنيا هي جنتك و غاية همتك كفاك وهما و تأمل نفسك و كونك و انظر لربك الموجود في كل ذرة من حولك و استنشاق ربيع نوره و عظيم حكمته.
أن العبقري الحق هو الذي فطن لمراد الله في أرضه و استعد باجتهاد لتجاوز امتحان ربه في دنياه.
العبقري هو من كسر عادات نفسه القبيحة وكان منفقا مبتسم محتسبا صابرا راضيا مجتهدا منتظرا وعد الله و لقائه بعد الموت و غير محروم من لذة القرب الي الله مولاه الحق في الحياة الدنيا.




