قيلولة

لبنى ياسين| سورية

في لقاءٍ ما على رقعةِ شوقٍ ضبابي، التفَّتْ كفَّه حولَ انحناءاتِ أصابعها، فتسللَ الوقتُ هارباً من نافذةِ ولع قديم.
أرادتْ أصابعها أنْ تخفيَ دهشةَ الذبولِ التي اعتورتها، هناكَ عند التقاءِ الظفر باللحم، لكن جحيمَ الدهشةِ كان عنيداً، فاقتحمَ كفَّه دونَ خجل، راودته عندها وخزةٌ لطيفةٌ في قلبه، لم تقلقهُ كثيراً، وعندها فقط، بنتْ الطيورُ أعشاشها على كفيها، ونقرتها برفقٍ، لئلا توقظها من حلم.
همستْ في أذنه بأنها تخاف الوحدة والظلام، فابتسم قائلاً: عليها هي الآن أن تخشاكِ.
كانت تنساب ويفضحها صوت خلخال الوجل على قدمي خطواتها الخائفة، مثل ماء المطر في مسارات عشوائية دقيقة، حددتها صدفة رائعة، كي تملأ الفراغات المظلمة في قلبه، وقد تعالتْ موسيقى الغجر، ونفضَ الليلُ عن ثيابهِ رائحةَ البنفسجِ، لتزهرَ فيهما الحياةُ من جديد.
لم يخبرها أنه يحبها، لكنهُ غادرَ الجنةَ لأجلِ أنْ يهبها ما تشتهي، لم تشكرهُ كما ينبغي، لكنها كانتْ تتتبعُ خطى رائحتهِ حتى آخر الكون، وعندما رأتهُ قادماً من بعيد، استظلتْ شوقها، وجلستْ فوقَ عري الصوتِ القادمِ من أعماقها، لتقولَ لهُ أنها لم تبحثْ عنه، وأنها كانتْ تلاحقُ ظلَّ شجرةٍ لا غير لأجلِ قيلولةٍ أشهى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى