سوء الظن هادم العلاقات

د. إيمان سراج الدين | كاتبة مصرية

 سوء الظن هي أكبر أفات النفس البشرية، ولعل من من أسوأ ما يُبتلي به الناس بكثرة على مر العصور سوء الظن ببعضهم البعض؛ حتى كاد أن يمزق علاقاتهم الاجتماعية، ويقطع أواصر المحبة، ويفشي الكراهية والبغضاء بينهم، ولقد حثنا الله – عز وجل – على اجتناب سوء الظن بالآخرين في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم)؛ فسوء الظن هو تغليب جانب الشر على جانب الخير، قال ابن القيم في ذلك (سوء الظن هو امتلاء القلب بالظنون السيئة بالناس حتي يظهر ذلك على اللسان والجوارح)، وقال ابن كثير (سوء الظن هو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله).

 فسوء الظن يفتك بالعلاقات ويودي بها إلي حافة الهاوية، وليس أفضل لقلب الإنسان  في هذه الحياة ولا أسعد لنفسه من حسن الظن؛ فبه يسلم من أذى الخواطر المقلقة التي تؤذي النفس وتكدر البال وتتعب الجسد فنحن مأمورون من الله تعالى بأن نحسن الظن ببعضنا البعض وأن نحمل ما يصدر من غيرنا من قول أو فعل على محمل حسن ما لم يتحول الظن إلى يقين جازم فالله – عز وجل – أمرنا بالتثبت فيما يصدر من الغير نحونا في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين).

فكم أوقع سوء الظن من فراق بين المتاحبين وقطيعة بين المتواصلين وهدم وقطع العلاقات والأرحام لذا يجب علينا تحري الخير في النوايا وفي أفعالنا وأقوالنا وإن وقعنا في اعتقاد الشر فلابد من طرده والابتعاد عنه عن طريق  استشعار عِظم ذنب سوء الظن وقبحه مع استشعار ما يترتب عليه من العقوبة وعدم تحملنا لها.

 لذلك أذكِّرُ نفسي وإياكم بضرورة حسن الظن وما تعطيه هذه الصفة من راحة القلب وسلامة البال؛ بها يسلم الإنسان من الخواطر الرديئة التي تقلقه وتؤذي نفسه وتجلب عليه كدر البال وتعب النفس والجسد، وفيها إغلاق باب للفتنة والشر؛ فيعم التراحم فيما بيننا وتزيد الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع حماية له من التفك والتشرذم.

وحسن الظن حصن منيع يحمي المجتمع من إشاعة الفاحشة وانشار الرذيلة فهو دليل علي سلامة القلب وطهارة النفس وذكاء الروح؛ أحسنوا الظن حتى لا يكره بعضنا بعضاً، أحسنوا الظن  حتى تسود الألفة والمحبة.

  وحسن الظن منضبط ليس مع كل الناس فلا نحسن الظن إلى حد البهلة والسذاجة، ولا نسيء الظن إلى حد الوسوسة، وليكن حسن ظننا ثقة وسوء ظننا وقاية مصداقا لول الشاعر: (إذا ساء فعل المرء…. ساءت ظنونه….. وصدق ما يعتاده من توهم… وعادى محبيه بقول عداته… وأصبح في ليل من الشك مظلم)

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. انتم كيان ثقافة له
    الاحترام والتقدير
    اجمل امنياتى وارق تحياتى
    وان شاءالله المزيد من التقدم
    والازدهار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى