إلى عزيزتي المرأة العربية
نثر: بشر شبيب | سوريا
ليسَ في مقدوري يا عزيزتي
وليسَ في استطاعتي أن أعطيكِ
عصاً سحريّةً أو مصباحاً علائيّاً
لتستردي هويّتكِ المغتصبة
ليسَ في حوزتي شيءٌ من السحر
ولا من حبوبِ المسكنات
ولا زجاجةَ مشروبٍ للطاقة
تجعلُ منكِ في ثوان المرأةَ الخارقة
لتكسري كلَّ هذهِ الخناجرَ من حولك
ولستُ أعرفُ عنوانَ مقرٍ نسوي
تبتاعينَ منه قناعاً ثوريّاً أو حزبيّاً
بلونِ التفاح أو الياسمين أو الزعفران الاصطناعي
ولا حتَّى عنوانَ موقعٍ إباحي ..
لتتعلمي التحرّر على الطريقةِ الهوليوديّة
أنا كلُّ ما قد تجدينهُ عندي هو الكلمات
سأهديكِ باقةَ وردٍ من كلمات
وعودَيْ زنبقٍ من كلمات
وزورقاً ورديّاً صيفيَّ المجادفِ من كلمات
لتبدأي رحلتكِ.. نضالكِ.. حربكِ
وتسرتجعينَ ما أخذوهُ منكِ
***
لا تكونُ المرأةُ امرأةً يا عزيزتي بلا هويّة
كما لا يكونُ العنبُ خمراً بغيرِ الآنية
حافظي عليها ..
وإن أخذوها منكِ فاستعيديها
أعلمُ أنّ بطاقةَ الدعوةِ يومَ زفافك
لم تكن تحملُ اسمك
أعلمُ أنّ زوجكِ.. أخاكِ.. أباكِ..
كانَ يتحرّج من نطقِ اسمك
وأعلمُ أنّهم ربما يغتالونكِ يوماً
وأنّهم عندَ نعيكِ ..
لن يضعوا على ورقةِ النعوةِ اسمك
أعلمُ أنكِ ربما لم تدرسي أو ربما لم تصرخي
بأعلى صوتكِ أمامَ الأفقِ الأزرقِ باسمك
وأنكِ ذلكَ الظلُّ الأسودُ المَمحيُّ الصفات
الذي يتجولُ كاللصوصِ في حياتنا خوفَ أنْ نراه
فنعلّقَ لهُ المشانقَ ونتهمهُ بالانحلال
أعلمُ عنكِ يا عزيزتي الكثير
أعلمُ – مع كاملِ أسفي – عن مآسيكِ الكثير
أعلمُ أنّ الحبَّ هو ثوبكِ الأبيضَ الملطَّخَ بالدم
أنّهُ حلمكِ الطفولي الأنثوي البعيدَ المنال
لكن إلى متى؟ أسألُ يا عزيزتي إلى متى؟!
***
إلى متى تترقبينَ كطفلٍ خائفٍ
أن تكونَ حريّتكِ منحةً يمنحكِ
إيها الذكرُ العربي ..
إنّنا في بلادٍ تأخذُ أكثرَ ممّا تعطي بكثير
إنّنا في بلادٍ تقتلُ أكثرَ ممّا تحيي بكثير
إنّنا في بلادٍ يا عزيزتي الحريّةُ فيها
كفرٌ .. والناسُ يحملونَ بها اللَّه
على أفخاذهم، ويجعلونَ كلَّ ما أرادوه
هم الصراطَ المستقيم
إنَّ الحريّةَ دربٌ طويلٌ طويل
***
وأنا أيضاً أعاني مثلكِ يا عزيزتي
من كلّ شيء، فأصابعُ هذا الزمان
تستديرُ حولُ عنقي وتضغطُ من سنين
فاحملي سلاحكِ ولا تنتظري مني
أنْ أرشَّ عليكِ الفلَّ والأضاليا
والبخورَ الدِّمشقي والياسمين
أو أن أحملكِ على حصاني
وأقاتلَ أنا على الجبهتين
إنني لستُ فارساً إغرقياً
يضاجعُ الآلهةَ صباحَ مساء
ودرعي ليسَ من شغلِ داودَ الحكيم
أنا شاعرٌ لا أملكُ لكِ إلا الكلمات
وأنا منفيٌ عن بلادي لأنني
لم أُبايع على العرشِ أميرَ المؤمنين
فابحثي عنكِ في مكانٍ ما
واحملي نفْسكِ في حُلُمٍ ما
واسيري يا عزيزتي .. تابعي
ولا تملّي مهما أتعبكِ المسير