في يوم عاشوراء:《كلا》أنجبت《كلا》
رضا راشد | باحث في البرلاغة والأدب – الأزهر الشريف
في مثل هذا اليوم (العاشر من المحرم) كانت نعمة الله تعالى على الموحدين من عباده من بنى إسرائيل أتباع نبي الله موسى عليه و على نبينا الصلاة والسﻻم ، حين خرجوا ليلا فارين بدينهم من فرعون وجنده ، لكن اللعين أدركهم ليروا أنفسهم، وقد أحاط بهم الهلاك من كل جانب ؛ فالعدو خلفهم والبحر أمامهم، فمن لم يمت غرقا مات بسيوف فرعون وجنده .
هكذا قدرت عين البشر وفق ما هو متاح لها من اﻷسباب البشريةفقالوا بالتوكيد:《إنا لمدركون 》.ولكن نبي الله موسى قال قولته النابعة من ثقة تمﻷ قلبه بنصر الله عز وجل وبقدرته على تعطيل اﻷسباب البشرية《كﻻ إن معي ربي سيهدين》.
والسؤال اﻵن :
أنى لموسى عليه السﻻم بهذه الثقة في هذا المقام الذي تطيش فبه ألباب ذوى النهى؟!
والجواب:
لقد ولدت《 كلا》 الثانية (التى قالها موسى عليه السﻻم) من 《كلا》اﻷولى (التى قالها ربنا جل وعلا).
فإن المولى عز وجل حينما أمر نبيه موسى عليه السﻻم: 《أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون》أبدى موسى مخاوفه التى ربما عاقت أداء رسالته -وليس تلكؤا في امتثال أمر ربه- فقال:《رب إنى أخاف أن يكذبون○ ويضيق صدرى ولا ينطلق لسانى فأرسل إلى هارون ○ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون》 فأجاب ربنا عن مخاوف موسى بقوله تعالى:《كلا》ثم أجابه عما طلب من معونة هارون عليهما السلام بما أفادته ألف التثنية:《فاذهبا بآياتنا 》مما يدل على الاستجابة اﻹلهية للدعوة الموسوية.
فكانت《كلا الإلهية》ممحاة بددت الخوف من قلب موسى أن تمتد إليه وأتباعه يد فرعون وجنوده بسوء ؛لهذا قال بلسان الواثق المتيقن:《كﻻ إن معي ربي سيهدين》، وهكذا أنجبت 《كلا》الإلهية《كلا》الموسوية.
وهكذا يضرب لنا نبي الله موسى عليه السلام المثل في الثقة بكلام ربنا، فمتى نقتفي أثر الكليم في الثقة بكلام رب العالمين؟!!.
اللهم املأ قلوبنا يقينا بك، وتوكلا عليك، وتوحيدا لك وخوفا من عقابك، ورجاء في ثوابك.