أدب

قراءة في رواية مفاتيح البهجة للأديب عمر حمش

هدى عثمان أبو غوش

تقع الرّواية في 116صفحة من الحجم المتوسط عن مكتبة كلّ شيء حيفا 2022.في”مفاتيح البهجة” للأديب عمر حمش،يؤكد الأديب على حفظ ذاكرة الوطن واللجوء شفهيا من جيل لآخرمن خلال سيرة الطفل الذي لم يحمل اسما معينا، هذا الطفل الفلسطيني الذي يمثل الصمود والأمل في رفضه لواقع الاحتلال وحفظه لذاكرة الآباء، فالطفل في هذه الرّواية يصرّ على نبش الذاكرة ولا يملّ من استرجاعها وفي ذلك يؤكد على حقه بمفاتيح البهجة وعدم الاستسلام، ويسترجع الطفل من مخيم اللاجئين أرشيف ما قبل النكبة في مجدل عسقلان وما بعدها” أمي حدثيني عن مواسمنا في مجدل عسقلان.

-إييه…

_وتشهق، ثم تزفر، وتنتفض كفها؛ لأسكت، لكني وأنا الحافظ دوما أعود..أستذكر الذي كان”.

ولذلك نجد الأديب دائم التنقل في وصفه ما بين مجدل عسقلان والمخيم في غزّة.وصف دقيق تصويري لطقوس المدينة ما قبل النكبة،   من مواسم نيسان المميزة التي تبهج الكبير قبل الصغير،وما بين سرد الأم وابنها لحكاية الوطن قبل اللجوء تفوح رائحة عسقلان وتلالها، ووصف حالة المواطن الفلسطيني اللاجىء بعد النكبة في المخيم في غزة،ووصف مشاهد الحرب القاسية الانتظار الوعود الصبر، وفي وصف ذاكرة الحرب من خلال حكاية الوالد والأم والجدة والطفل الذي يحفظ الذاكرة، نجد في وصف الأديب حمش لدقة الوصف ما بين الأماكن تعبيرا عن حالة القهر والمعاناة التي يعانيها الفلسطيني، وعن صرخات المخيمات واعلان مفاتيحهم التي تبهحهم في سبيل حق عودتهم، فمفاتيح  البهجة تتجلى في نهاية الرواية وتنفجر وتتخذ المقاومة الحلّ نحو العودة.

ينتقل الأديب حمش في روايته ما بين  الأماكن والأسماء، ليبين التغييرات التي أحدثتها الحرب، فينتقل بين مجدل عسقلان والمخيم، ما بين الوطن واللجوء، ما بين المفردات الجديدة التي حلّت على أثر تغيير المكان مثل وكالة الغوث، الخيمة، صفيح النوافذ، الأونروا، الطابو.

أشار الأديب حمش إلى الخيبة من حالة الكذب والخذلان الذي رسمها النظام العربي   عبر إذاعة صوت العرب في أثناء الحرب.”لم يكمل،فقد رشقته ساق أبي فسكت.

 أمي التي كان يفزعها كسر طبق ،قامت واجمة؛ التقطت الجهاز، وقالت: خذه إلى المزبلة. وكذلك معلم اللغة العربية يعبر عن غضبه “كذب.. كل شيء كان كذبا. وصرخ:كذب كذب”

نجد حالة الصمت  عند أم الطفل حين يحثها ابنها على الحديث عن النكبة فأحيانا لا تستطيع الحديث فتصمت وتمتنع فيكمل الطفل ويسترجع تفاصيل الذاكرة،فالأم أيضا في حالة نفسية متعبة ولذا تلتزم الصمت خاصة عند النكسة والهزيمة، “أمي لم تعد تعترض،أُمي دخلت بئر الصمت”الأم تمثل حالة اللاجىء الشاهد على مواجع الحرب من الشهداء والتشرد وحالة الخيبة، فالصمت هو ثرثرة الألم والوجع والاحتراق الداخلي للنفس،هو الصدمة من الهزيمة.

وما بين وجع النكبة والنكسة ووجه الحزن يطلّ وجه الطفولة وبعض المقالب من قبل الطفل وأصدقائه في المدرسة، وعلاقة الحب مع نعيمة التي تحقق للطفل اللذة ويصلا يافا عبر الخيال، كل ذلك يضيف المتعة للسرد وعدم الملل وكأنها استراحة من سيرة مؤلمة.

تكرر ذكر شجرة الأكاسيا عدّة مرات وفي ذلك إشارة لتعلّق الفلسطيني بأرضه وعلاقته القوية بالزراعة، وأيضا هي جسر الحب بين الطفل ونعيمة. “وظلّت شجرة الأكاسيا ملاذي”.

أثرت الأغاني التراثية الرّواية حيث عبرت عن حالة المخيم في ظلّ الحرب وحالة الخيبة، استخدم الأديب اللهجة الفلسطينية العامية في الحواربالإضافة إلى الفصحى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى