أدب

الهولوكوست

شعر: سليمان دغش | فلسطين
ليسَ بَيني هُنا وهُناكَ سِوايَ، أرى في المَرايا شبيهي
فَأسأَلُهُ هل أنا اثنانِ في واحِدٍ
أم ترى واحِدٌ تاهَ في اثنينِ ليْلَةَ أطفَأتِ النَّجَماتُ قَناديلَها
في سَماءِ الجَليلِ وَخيَّمَ ليلُ السَّديمِ على وَجَعٍ في الخِيامِ
الكَئيبةِ فيما تَعدّى حُدودَ الخرَيطَةِ ما بينَ بَحري ونهري المُقَدّسِ
هلْ أدرَكَ امرؤ القَيسِ خَطيئَتَهُ في اللجوءِ إلى غيرِ ذاتِهِ؟
لا أقرباء ولا غُرباء، أما كانَ أجدى لهُ أنْ يموتَ شهيداً
ليَبقى، وإنْ خَذَلَتْهُ القبيلةُ، ما كانَ يَخذِلُهُ ليَخذِلنا الحُسامُ
فكَيْفَ أوَحِّدُ ما بَينَ ذاتي وذاتي
في غُربَةِ الروحِ عَن جَسَدٍ لا حياةَ لها،
لا حياةَ لهُ في انفِصالِهما، رُبَّما كُنتُ حياً هُنا بالإنابةِ عنِّيَ
أو مَيِّتاً في الحياةِ لأنّي وإن كُنتُ حيّاً هُنا أو هُناكَ
كما يتَراءى فقدْ متُّ وآأسَفي مِتُّ يَومَ فَقَدتُكَ يا وَطَني
أتَساءَلُ في سَكرَةِ المَوتِ، ما أصعَبَ المَوتَ
إذ يَتَباطَأُ كالسُّلحفاةِ ليَقتُلنا على مَهلِهِ
فالطَّريقُ إلى الهُولُوكوستِ طويلٌ طويلُ على مَدِّ أرواحِنا
في الرَّحيلِ إلى جِهَةٍ لا تحِسُّ بما يَعترينا
على دَربِ آلامِنا الدَّمَويِّ فَنَرحَلُ منْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ
ليسَ يُشبِهنا لِنرسو على زَبَدٍ في المَتاهَةِ
لا شَيءَ يوقِفُهُ في رُؤى المَوجِ كيْ يَستَقِرَّ، كأنّ الموانئَ
أبعَدُ من حُلْمِنا المُستَحيلِ تَرَكناهُ يَبكي يَتيماً على مَقعَدِ الانتِظارِ
على بُعدِ بُحَّةِ نايٍ حَزينٍ تأوَّه عندَ شواطِئِ حَيفا
أما زالَ في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ للعَنادِلِ أنْ تَتَهجّى النّشيدَ الأخيرَ
على جِسرِ عَودَتِنا ذاتَ حُلمٍ بَعيدٍ
وهَلْ يُوَحّدُنا حُلُمٌ كانَ أقرَبَ مِنّا إلينا
وكانَ لنا؟
رُبَّما كانَ غَيري الآنَ يَحياهُ عَنّي
فلا حُلْمَ بَعدَكَ لا حُلْمَ إلّاكَ يا وَطَني
(سليمان دغش)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى