لا مَطرَح للنّدم
سجى مشعل | القدس العربية – فلسطين المحتلة
اكتشفت وربّما متأخرًا بأنّني أضعت وقتي في أمور لا طائل منها، قلق بلا داعٍ، وأحاديث مع أشخاص لا يستحقّون وقتي، كنتُ أُضيّع أيّامي على أشخاص لا يستحقونني، كنت أستهلك طاقتي مع كاذبين ومُدّعين، وربّما قد لا تكون الخطيئة خطيئتهم بل أنا المسؤولة عن الألم، فأنا الّتي سمحت للعابرين باغتنام أماكن من حياتي ومساحات فيها، لأولئك الأشخاص الّذين يقتطعون بقيّة ما تبقّى منّي من روح مثلما تُقتطع قطع اللّحاء الصّغيرة.
ولست منكرة شقاق النّدم الّذي يُجاورني، لكنّ النّدم عند فوات الأوان لا طائل منه، وفي الوقت ذاته؛ فهو شرّ لا بدّ منه، وأعرف بأنّ العابرين لا يستحقّون شيئًا من جزيئات حياتنا ولو كانت بشقّ تمرة، فالأماكن الّتي سلبتنا أوقاتَنا في وجودهم شاهدة على كلّ لحظة أضعناها معهم، وعلى كلّ لحظة سعادة قد تنصّلوا منها، وتنكّروا لوجودنا معهم فيها، فإنّي ومن هذه المنصّة لست شاغرة أيًّا كان في مكان من قلبي، ولست مُقبلة على إيجاد مساحات للعابرين والمُؤجّرين الألم في مواضع الفؤاد ووجودها، ولستُ في أيّ لحظة قلق قد مرّت وأطالعها الآن أُسائل نفسي عن سبب وقوعي في شَرَك الانخداع وإنّما من باب الأَوْلى به فإنّي أدقّ أبواب الوعي بطَرق طُرق الانعزال دونما قلق أو توجّس، فالانعزال وهجران الأماكن الّتي تتأبّط شرًّا بمُتلفي الوداد، وسارقي شغف الفؤاد، هي غنيمة حقيقيّة تستحقّ مطالعة في هدوء واستكانة في هذه الآونة الصّعبة، فالخذلان مُميت ولذعة واحدة منه قادرة على قتلنا، ثمّ إنّني لست حزينة على الأشخاص ولا الخذلان ولا حتّى على ضياع الوقت، إنّما على نفسي.