ناموسيات.. شاهد على الحدث
د. محمد أبو ناموس | سوريا
استوقفته وهو عائد من سوق الخضار يحمل بكلتا يدية أكياسا مملوءة بالخضار وما طلبته منه أم العيال وهو يتصبب عرقا ويلهث وكانت تفترش الأرض وأمامها بعض باقات البقدونس والبصل الأخضر والفجل.
وقالت له على مهلك يابني تعال خذ قسطا من الراحة أتشوق للحديث معك وعندي سؤال يقض مضجعي أريد الإجابة عليه بكل صراحة ووضوح إن لم يكن لديك مانع…
قال: أمرك ياخاله بلانة، واستطرد يقول، وما الذي دفعك أن تسأليني.
بلانه: سمعت أنك كنت تعيش في بلاد بعيدة وتمتلك كل ما تريد وأنا أراك يوميا من مرتادي السوق حتى ظننت أنك تعمل فيه.
قال: اسألي ما تريدين وسوف أجيبك بكل صدق.
الحجة بلانة: لماذا شاب شعرك قبل اقرانك وقبل اوانه وتثاقلت خطاك و اصبحت تمشي الهوينا…
قال: بعد أن ضحك: أنا طبيب سابق عملت في القطاع العام والخاص في أمراض النساء ودبلوماسي سابق.ث ووشغلت مواقع في الصحافة والإعلام ودبجت الكثير من المقالات السياسية والأدب الساخر ومطلوب سابقا لأبو كلبجة وملاحق من العسس وممنوع سابقا من السياحة والسفر ومجرد سابقا من كل الأوراق الثبوتية وسخرت سابقا من أرباب العمل وأولياء أمورهم وجيوبي فارغة ولا أملك حسابات بنكية ولا امتلك إلا الكرامة وعزة النفس والاعتزاز بالذات واحترام إنسانيتي ولا أكره أحدا ولا أحقد على احد ومتسامح مع الجميع حتى مع الذي ألحق بي الأذى وأعتز وأفخر بمهارتي المهنية في كل المهن التي عملت بها سابقا.
الحجة بلانة: كله سابقا، والآن … يعني حاليا ماذا تعمل؟
أجاب: أتضور جوعا واموت ظمئا وارتعد خوفا على أسرتي؛ فأنا كمن عاد من غزواته بخفي حنين.
الحجة بلانة: يافرحة أمك وأبوك فيك…. وماذا ادخرت لتورث أولادك.
قال: أبي وأمي ماتا غيظا وكمدا من فشلي وخيباتي وهزائمي، أما أولادي فقد ادخرت لهم الكثير من سابقا، كما يفعل من لا تاريخ لهم ويصطنعون البطولات والغزوات والجولات والانتصارات سابقا في الماضي السحيق والقطع مع الحاضر والمستقبل.
الحجة بلانة: تعال يابني بسط بجنبي والرزق على الله.