الولّاعة الزرقاء.. قصة قصيرة
د. قائد غيلان | أكاديمي من اليمن
ذهب إلى عرسه آمنا مطمئنا، فالولاعات الزرقاء تتوفر في كل مكان، امتشق سيفه ولبس لباسه التقليدي الأنيق وخرج يُزَف على أنغام الأورج وصوت المنشد الذي طعّمها بعبارة:” هذه ليلتي وحلم حياتي” ..
همس العريس إلى الشاب الذي يقف إلى جانبه: أين الولاعة؟! ثم أرسل اثنين من أصدقائه يشترونها بأي ثمن من أي مكان، صاح لصديقه قبل أن يغرب عنه: هات كرتون، ثم مخاطبا نفسه: ما جاؤوا يعدمون الولاعات الزرقاء إلا ليلة عرسي، ثم قال ممازحا صديقة: انشر نفياً صحفيا في كل المواقع أن ليس لزوجتي الأولى أي علاقة باختفاء الولاعات الزرقاء.
اختفت الولاعات الزرقاء فعلا، ولم يعد هنالك مجال للمزاح، عاد إلى بيته، خلع عدته العسكرية ولباسه التقليدي، وخرج يبحث بنفسه في كل المحلات عارضا مئة دولار للحبة الواحدة. استقل سيارة جيب ذات دفع رباعي، فربما لم تصل الأزمة إلى الأرياف والمناطق النائية، فوجئ أن المزارعين والمهرّبين والمشائخ والجنود المرابطين في الجبال والسواحل، قد نزلوا جميعهم يسحبون الولاعات الزرقاء من كل مكان، وأن الدولة أرسلت تعزيزات لحماية المخزون الاستراتيجي منها.
ذهب إلى سواحل حضرموت ثم جزيرة سوقطرى، ومن هناك نشر بثاً مباشراً يخاطب الشعب اليمني بأنه مختطف وأن الخاطفين يطالبون بفدية قدرها كرتون من الولاعات الزرقاء.أصبحت قضيته قضية رأي عام، كسب تعاطفاً شعبياً ودوليا، وخلال أسبوع أصبح في بيته أربعون جالونا من العسل البلدي، وسبعون كبشا، وعلب شتى من العنبر والحبة السوداء، وحضيرة من الحمام والدجاج البلدي، ولا توجد بين كل ذلك ولاعة زرقاء واحدة.
صرّح الأمين العام للأمم المتحدة أنه يأمل أن تحل قضيته في القريب العاجل، وقال مبعوثه إلى اليمن أن قضيته لن تستغرق أكثر من عامين، فصَكَّتْ العروس وَجْهَهَا وقالَتْ مازحةً ” يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا”.تمكن من السفر إلى دولة مجاورة، اشترى كمية من الولاعات، كانت الكمية تنقص في كل نقطة عسكرية، في آخر نقطة صودرت الكمية المتبقية باعتبارها مؤامرة صهيو أمريكية تهدف إلى زعزعة إيمان الرجل اليمني برجولته. في غرفته استقبل عروسته وضمها لأوّل مرّة، وهمس لها: ليس هناك داعٍ أن تذبحي الديك، فقد تمكّنت من إخفاء وتهريب الكمية التي تبقيني مشتعلا لمدة عام ..