جدلية العلاقة بين الإبداع والجنون
سمير حماد – سوريا
هناك شعرة رقيقة جداً جداً تفصل بين العبقرية والجنون..كما يقول (كيركغارد)، ومثلما أن المرض يحيط بالصحة من كل الجهات فإن الجنون يحيط بالعقل من كل الجهات.
وهناك اعتقاد شعبي بوجود علاقة بين العبقرية والجنون منذ أقدم العصور؛ فالعبقري بنظر الكثيرين شخص غريب الأطوار.
وكبار الكتاب والفنانين عبر التاريخ يتميزون بتركيبة نفسية غير طبيعية؛ بل دخل بعضهم مرحلة الجنون الكامل أمثال (هولدرلين الشاعر العظيم، ونيتشه أشهر فلاسفة العصر ، والشاعر آرتو، والفنان فان جوخ، والأديب الشهير موباسان، والروائية العظيمة فرجينيا وولف، وشومان والتوسير …..).
وعندما سئل احد الفلاسفة عن صحة القول بأن أعظم الأدباء والفنانين مجانين أو عصابيين.أجاب: الأصح أنهم كلهم كانوا سيصبحون كذلك لولا الفن والإبداع؛ فالفن والإبداع عموما يشفي من الجنون، ولولا العصاب لما قرأنا الروايات الحالة لديستويفسكي، ولفلوبير وبلزاك؛ حيث أنقذت الكتابة هؤلاء المشاهير من الجنون.
ومع هذا لم يستطع بعض من أبدعوا إبداعا عظيما الهروب من ليل الجنون؛ فكبير الفلاسفة نيتشه جُنّ بشكل كامل في أواخر حياته، كما أن هولدرلين وهو أحد من أهم الشعراء في تاريخ ألمانيا أمضى أكثر من نصف عمره في ليل الجنون.
ومع هذا نقول: إن الإبداع يشفي من الجنون، ولولا هذا لرأينا معظم عباقرة العالم انتهوا في المصحات العقلية.