على كل عربي أن يحافظ على مؤخرته
شوقية عروق منصور | فلسطين
عندما كان يردد الفنان عادل أمام عبارة (كل واحد يحافظ على لاغليغوا) في مسرحية (مدرسة المشاغبين) كنا نضحك ونعتبرها نكتة عابرة في سيناريو يريد دغدغة المشاهد من باب الكوميديا اللفظية، ولكن الظاهر أن زمن الكوميديا السوداء قد استغل الضعف العربي المتمثل بأنظمته الصامتة المطيعة وبدأ يستغل قوته في عرض مطالبه التي تتجرأ على استغلال المواطن العربي حتى حولته الى دمية لا قيمة لها في سوق الشعوب القوية ذات الكرامة والكبرياء والاعتزاز بالنفس .
الولايات المتحدة التي وصل بها العري السياسي إلى السقوط الكامل في منطق (رعاة البقر) اتجاه الشعوب العربية والتي تحمل شعار أفلام (الكابوي) أطلق النار ولا تناقش، تضيف الآن إلى أرشيفها المتخم بصور الذل والقهر العربي، فحص مؤخرات المسافرين العرب في المطارات الأمريكية، بعد مرورهم أمام أجهزة تعرية الأجسام وأيضاً مراقبتهم طوال فترة الرحلة ومنعهم من تغطية أجسادهم بالبطانيات أو الذهاب إلى الحمام.
لم نسمع أي احتجاج عربي، السعودية فقط تريد أن تقدم لها أمريكا توضيحات لهذه الإجراءات وبالطبع مخرز السعودية لن يستطيع الصمود أمام العين الأمريكية، عندها ستبقى الإجراءات كما هي وسيصبح جسد كل عربي مباحاً في التعرية والتفتيش في مؤخرته، وسيشنق الشاعر (المتنبي) نفسه بعد أن جف ريقه وهو يصرخ ( لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى، حتى يراق على جوانبه الدم) ولم يعد للأمة العربية شرف رفيع بل دم يراق على جوانب الأرصفة المفخخة والأسواق والقتل العشوائي المباح.
نحن الآن أصحاب المؤخرات الإرهابية، لم يعد يكفي الركوع والانبطاح والتسليم بكل المقدرات النفطية والتنازلية، الآن أجسادنا هي التي توقع على قرارات النقاء العربي، فالعربي الجيد ليس العربي الميت حسب الشريعة الصهيونية، العربي الجيد هو صاحب المؤخرة الفارغة من المتفجرات و لم تعد المرأة العربية التي تتميز حسب مقايس الجمال العربية التاريخية أن (لها مؤخرة إذا قامت أقعدتها) ولكن الآن كيف ستقنع المرأة العربية مفتشي المؤخرات أن مؤخرتها بدون أسلحة، وأنها خالية من المتفجرات، وهي مطيعة مثل قادتها الذين لن يشعروا هم وزوجاتهم بذل التفتيش، لأنهم يسافرون بطائراتهم الخاصة واوراقهم الثبوتية الموقعة بدمائهم الموالية لأمريكا، والمواطن العربي كيف سيقنع المفتشين أيضاً بأن مؤخرته خالية من التفكير الإرهابي؟ وكيف سينظر إلى أولاده بعد أن حولوا مؤخرته إلى ميدان لرماية الرجولة والتصويب نحو هدف واحد الإمعان في الإهانة والأذلال .
قائمة الدول العربية التي ستكون مؤخرات شعوبها ضمن مشروع التفتيش الأمريكي طويلة، من السعودية إلى سوريا إلى مصر والسودان والصومال والجزائر وليبيا والعراق..إلخ ولم نسمع جامعة الدول العربية ولا جمعيات حقوق الإنسان ولا اتحاد أوروبي ولا جمعيات داخلية ولا خارجية، لو هذا التفتيش كان للشعب الفرنسي أو الشعب الروسي أو الصيني أو الألماني أو أو.. لقامت حركات الإحتجاجات والمظاهرات واستقالت حكومات.
لقد تظاهر العرب على استحياء عندما عبث واغتصب وعذب السجناء العراقيين في السجون العراقية الأمريكية مثل – أبو غريب – ولم تستطع الصور التي قذفتها الكاميرات العابثة أن تحرك فينا حرارة اليقظة بل تركنا الذئب يتحرك في محكمة الذئاب وطوينا الصفحات.
وما زال سجن (غوانتانامو) شاهداً على حكايات القنص للكرامة العربية والإنسانية، وأنظمة عربية لا تسأل عن مواطنيها لا في السراء ولا في الضراء فكيف ستسأل عنها في المطارات .
مئات من الأمركيين يدخلون الدول العربية كضيوف وجواسيس وسياح ورجال أعمال وأصحاب شركات وغيرهم ، فلماذا لا تنتظرهم في المطارات العربية إجراءات تفتيش مثلما هم يفتشون تحت بند المعاملة بالمثل.
هناك من قال ( نشتري جميع الأسلحة ولا نستطيع حماية مؤخرات النساء العربيات) والظاهر أن القائل كان يقرأ في الغيب الأمريكي.